نقطة بعدها ثم نقول : لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم.
وقد سبق أن قلنا في «سورة الكافرون» : إن الأمر قد يبلغ من الضرورة والأهمية إلى حد ينبغي أن يصل فيه التأكيد إلى أقصى مداه. والتأكيد في اللغة العربية ثلاث مرات كحد أقصى. وهنا مكرر مرتين لفظا ومرة معنى.
سؤال : ما هو سبب التكرار؟
جوابه : قال القاضي عبد الجبار (١) : إن المراد بهما مختلف. فالمراد بالأول (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما ينزل بكم في الدنيا في حال الحياة والممات. والمراد بالثاني (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما يكون لكم في الآخرة من ثواب وعقاب. وهذا بعث من الله على التمسك بطاعته.
أقول : ويمكن أن يجعل قرينة على ذلك : العطف بثم التي تفيد التراخي. بمعنى : في الآخرة. ولكن ينافيها قوله : «سوف» في (كلّا) الأولى الدالة أيضا على بعد الزمان. فيكون كلاهما للآخرة.
وقال صاحب الميزان (٢) : وقيل : المراد بالأول علمهم بها عند الموت ، وبالثاني علمهم عند البعث. وعليه فلا يرد هذا الإشكال.
ولكننا قلنا : إن التكرار للتأكيد والتركيز على الأهمية. وثم هنا ليست للتراخي ، بل للدلالة على عدم كفاية القول مرة واحدة. فتكون الأولى ثبوتية والثانية إثباتية. كأنه قال : ثم أقول كلا ... لمدى أهميته بحيث لا يقوم بأداء المعنى إلّا تكرار اللفظ.
سؤال : ما هو جواب «لو» في قوله تعالى : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ)؟
جوابه : قال العكبري والطباطبائي : إن جواب لو محذوف والتقدير ـ كما في الميزان (٣) ـ : لو تعلمون الأمر علم اليقين لشغلكم ما تعلمون عن
__________________
(١) تنزيه القرآن عن المطاعن ، ص ٤٧٧.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٥١.
(٣) المصدر والصفحة.