متباينة وأهداف متعددة ، كقوله تعالى (١) : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) ، فإذا كان ذلك في الآية الواحدة ، فوجوده في السورة أولى.
والمهم في كتابنا هذا ، هو محاولة تصيّد ذلك ، مهما أمكن. فإن كان للسورة هدف معروف فعلا ، ذكرناه ، وإلّا أمكن التعرض له كأطروحة ، أو حصر عدّة أهداف لسورة واحدة. كل ما في الأمر أنها أهداف محددة ، وليست مجملة ، وهكذا.
ولعل التدقيق في التعرف على معاني القرآن الكريم وتفاصيله يفتح لنا طريق الاهتداء فيما لم يكن معروفا من أهداف بعض السور بتوفيقه سبحانه.
ـ ١٥ ـ
وإذا سرنا في طريق فهم بحثنا هذا ، أمكننا التعرض إلى عدة أمور :
منها : إن فائدة الكلام إنما هو إيصال المعنى إلى السامع بأي قالب كان وبأي لفظ كان. فاختيار الألفاظ وصياغتها ستكون بطبيعة الحال اختيارية للمتكلم ، فله أن يختار من الألفاظ ما يشاء من دون أن ينطبق قانون الترجيح بلا مرجح. لأن هذا القانون منطبق على العلة القهرية لا على العلة الاختيارية. ومع وجود الاختيار فالترجيح بلا مرجح ممكن. لأن الاختيار والإرادة هو الذي يكون مرجحا ، كما ثبت في علم الكلام.
ومعه فلا يمكن السؤال بأن الله تعالى : لما ذا قال كذا ولم يقل كذا. لأنه سبحانه إنما يريد أن يوصل المعاني إلينا لا أكثر ، واختياره لهذه الألفاظ يوافق الحكمة والفصاحة والمصلحة التي هي في علمه.
وبذلك يندفع كثير من الأسئلة التي يمكن إثارتها عن التعبير القرآني. لأن جوابها أن الله تعالى أراد هذا التعبير اختيارا وليس لنا أن نناقش فيه.
__________________
(١) المائدة / ١.