قوله تعالى : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَ). وهي على وجهين : بفتح التاء وضمها وهو الأشهر. أما الأول فبمعنى : أنكم أنتم تسألون عن النعيم. والثاني بمعنى : يسألكم السائلون عن النعيم.
والنعيم يراد به نعيم الآخرة. كما فهمه المشهور. فيكون المراد : أن الإنسان يطالب الله تعالى بالدخول إلى الجنة. فيجاب يومئذ حسب استحقاقه. وقد يكون المقصود من النعيم ما هو أعم من نعيم الدنيا والآخرة. وكلا النعيمين يطالب به الفرد ربه.
وقوله تعالى يومئذ ، بحسب السياق اللفظي ، يدل على أنه حينما ترون الجحيم وحين تعلمون علم اليقين ، حينئذ تسألون عن النعيم.
ومن جملة أساليب الفهم للقرآن الكريم : أن نفهمه متفاصلا وغير متعلق بسياق قبله. فيكون المعنى : أنكم تسألون عن النعيم عند الحاجة إليه وعند الشعور بالافتقار. وأما إذا كان النعيم حاصلا له ، فلا يسأل عنه. ويمكن القول : إن الإنسان حينما يرى جهنم عين اليقين ، ويدخلها ، فإنه سوف يطالب الله تعالى بالجنة. وهكذا حال الإنسان يطالب الله تعالى بالجنة سواء كان في الدنيا ، أو في القبر ، أو في يوم القيامة ، أو في جهنم نفسها.
ولكن انفصال السياق عن الدنيا واضح ، وذلك : لأن الإنسان فيها محجوب عن عين اليقين. فلذا يسأل في الدنيا عن نعيم الدنيا ونعيم الآخرة. والله تعالى لا بخل في ساحة كرمه. فيعطي ما يشاء لمن يريد وقال (١) : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
سؤال : من هو السائل عن النعيم يومئذ. وما هو النعيم المسئول عنه (بناء على قراءة الضم)؟
جوابه : السائل هو جهة الله تعالى ، سواء قلنا إنه هو الله تعالى بالمباشرة ، أو من قبيل الملائكة ، أو أمير المؤمنين أو الضمير الحي.
__________________
(١) غافر / ٦٠.