كما هو المستفاد من عدد من الآيات الكريمة ، فينال كل واحد ما يناسبه.
الوجه الخامس : أن يكون الخطاب للمضروب بالبلاء والقارعة.
سؤال : كيف نفهم من القارعة ما يشمل بلاء الدنيا في حين أن الآية الكريمة نص بيوم القيامة ، بقرينة قوله تعالى : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ). فإن ذلك لا يكون إلّا في يوم القيامة.
جوابه : قال الطباطبائي في الميزان (١) : الفراش على ما نقل عن الفراء ، الجراد الذي ينفرش ويركب بعضه بعضا ، وهو غوغاء الجراد. قيل : شبه الناس عند البعث بالفراش ، لأن الفراش إذا ثار لم يتجه إلى جهة واحدة ، كسائر الطير ، وكذلك الناس إذا خرجوا من قبورهم أحاط بهم الفزع فتوجهوا جهات شتى أو توجهوا إلى منازلهم المختلفة سعادة أو شقاء. والمبثوث من البث ، وهو التفريق.
أقول : ومن الواضح من سياق كلام الطباطبائي قدسسره ، أنه لا يتعهد بصحة شيء مما نقله. ونحن نجد أن الفراش جمع فراشة ، وهي معروفة ، وليس هو الجراد. ونستطيع إن شككنا باستعماله في زمن النزول ، أن نستصحب بنحو الاستصحاب القهقرائي ، استعماله إلى زمان صدر الإسلام.
كما يمكن عرض أطروحة في هذا المجال ، وهو إيجاد فهم عام يشملهما معا. وهو الحشرات الطائرة الكبيرة نسبيا (وليست كالذباب والبعوض) والقادرة على الاستمرار بالطيران (وليست كالخنافس والنمل المجنح) وليست ذات حمة لا سعة (كالزنابير). وهذا المعنى يشمل الجراد والفراش معا. فيكون من الممكن إطلاق لفظ الفراش ، على مثل هذا المعنى الكلي.
فهذه كلها مقدمات لبيان جواب السؤال الأخير. وسيأتي الحديث عن جوابه. مضافا إلى أنها في نفس الوقت توجب الاطلاع على تفاصيل السورة.
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٤٩.