يمكننا أن نسميه تناسقا أو نسقا لا أن نسميه سجعا ، لأن كل سجع فهو نسق وليس كل نسق فهو سجع. فقد يكون في مثل هذه السور سجع ونسق في عين الوقت.
ـ ١٧ ـ
بقيت لنا كلمة في التعريف بالسياق ووحدة السياق. فإنه باب مهم من أبواب فهم اللغة عموما ، والقرآن الكريم خصوصا ، وقد استخدمناه في كثير من أبحاثنا هذه. فينبغي أن نحمل فكرة كافية عن حقيقته وعن نتائجه.
فإن السياق على قسمين : سياق المعنى وسياق اللفظ :
أما السياق المعنوي ، فهو يمثل الاتصال والتماثل في مقاصد المتكلم والمعاني التي يريد بيانها والإعراب عنها. فإذا شككنا في أي مقصود من مقاصده ، أمكن جعل المقاصد الأخرى دليلا عليه كقرينة متصلة عرفية وصحيحة ، وهذه هي قرينة وحدة السياق التي تستعمل عادة في الاستدلال الفقهي والأصولي.
فلو وردتنا في السنة الشريفة عدة أوامر في سياق واحد ، وكان بعضها أكيد الاستحباب ، وبعضها مشكوك الوجوب ، قلنا باستحبابه لأجل وحدة سياقه مع المستحب.
وأما السياق اللفظي ، فهو أمر آخر تماما ، وإن كان كل لفظ له معنى ، ومن هنا فكل سياق لفظي له سياق معنوي ، إلّا أن العمدة هنا اختلاف الجهة الملحوظة في السياق.
ومرادنا من السياق اللفظي تناسقه العرفي في الذوق واللغة ، بحيث لو زاد شيئا أو نقص ، لكان ذلك إخلالا به ، ومن ثم يكون ذلك قرينة كافية على عدم وجوده وعدم قصده من قبل المتكلم.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ