الثاني : التمسك بإطلاق الآية من قوله : خفت موازينه. أي خفت خفة مطلقة وكاملة ، ووصلت إلى درجة الصفر والعدم.
فإن قلت : إنه مع الانعدام لا يسمى خفة باعتبار أن الخفة تدل على وجود شيء خفيف.
قلت : نعم ، لا شك أن شيئا ما موجود. لما قلناه من أن الشخص لا يخلو من الحسنات ، إلّا أن هذا لا ينافي انعدام قيمتها الأخلاقية. كما ورد في مثل قوله (١) : كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه.
فإن قلت : فإن العكس أيضا صحيح ، بأن نفهم من الثقل : الثقل الكبير جدا ، بحيث قد لا يكون متناهيا. وعندئذ لا يدخل الجنة إلّا النوادر.
قلت : فيه عدة تعليقات :
الأول : إن التمسك بالإطلاق إلى حد ما لا نهاية بلا موجب. بل بمقدار ما هو مستحقه.
الثاني : إننا نعترف من أن من يدخل الجنة بدون حساب وعقاب قليل جدا.
الثالث : إن السياق ذكر الطرفين : الثقل والخفة. وترك الوسط. أي أن الكثرة وهم المحاسبون لم تذكرهم الآية الكريمة ، وفي ذلك محذوران :
الأول : إنه يمكن القول إن من يدخل الجنة بدون حساب صنفان :
أحدهما : من كان كذلك باستحقاقه. وثانيهما : من كان كذلك بالعفو والرحمة والشفاعة. وهي واسعة.
ومن يدخل النار أيضا صنفان : أحدهما : من تكون أصول دينهم فاسدة والثاني : من تكون فروع دينهم فاسدة. وهم أيضا كثيرون وخاصة مع الالتفات إلى قوله تعالى (٢) : (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ). فيستجيب الله تعالى لها ،
__________________
(١) البحار ، ج ٩٢ ص ١٨٥.
(٢) ق / ٢٠.