قلت : هذا لا يتم لعدة وجوه.
أولا : إن عدا لازم. فإذا تعدى ينبغي أن يكون بحرف ، لا بالمباشرة ، تقول : عدا عليه. والحرف غير موجود.
ثانيا : إن هذا مفعول به. فما هو فاعله؟ له أحد تقديرين كلاهما رديء : ١ ـ أن يكون ضميرا تقديره هي. ٢ ـ أن يكون اسم الفاعل مستغنيا بالمفعول به عن الفاعل. وهو رديء أيضا ، إذ لا يكون أهم من الفعل. وتلك صفة لا تكون للفعل ، فكيف تكون له.
ثالثا : إنه بعد التنزل عن الوجهين السابقين ، فإنه يكون فرض المفعول به معناه : أن العدو أو الاعتداء على الضبح نفسه. وهو سخف في التفكير.
سؤال : عن معنى قوله تعالى : (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً).
جوابه : قال العكبري (١) : قدحا مصدر مؤكد ، لأن الموري : القادح.
أقول : أي يكون مفعولا مطلقا ، كأنه قال : القادحات قدحا. والأطروحات التي قيلت في «ضبحا» تقال هنا أيضا :
أولا : إنها مفعول به لفعل مقدر ، كأنه قال : اقدحي قدحا. والتقدير خلاف الأصل ، ولا يتعين إلّا مع الانحصار.
ثانيا : إنها مفعول به للموريات. ولا يرد الإشكال السابق ، لأن أورى متعد بنفسه. ولكن ترد عليه الإشكالات الأخرى.
ثالثا : إنها مصدر سد مسد الحال. أي الموريات إيراء أي حال كونهم كذلك.
سؤال : هل أن الموريات والقادحات بمعنى واحد ، كما سبق أن سمعنا من العكبري في قوله : لأن الموري القادح. فإن المادتين إن كانتا بمعنى واحد ، كان السياق بمنزلة التكرار.
وهو رديء ، لأن الكلمتين متتابعتان لا فاصل بينهما. فيمكن أن يغني أحدهما عن الآخر.
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٥٧.