وإن قلت : إن فهم القتال من السياق ، وإن كان ممكنا ، إلّا أنه يحتاج إلى نحو من التقدير.
قلت : يمكن الاستغناء عن معنى القتال ، إلى معنى العدو وهو مذكور في الآية في مادة (العاديات). والعدو يثير النقع ، فيرتفع الإشكال مع حفظ الباء للسببية.
وقوله تعالى : فوسطن ، أي توسطن في داخل الجمع وخلاله وفي قلبه. والمراد به كتيبة العدو ، كما في الميزان (١). وقال : أو المعنى فتوسطن جمعا ملابسين للنقع. أقول : على معنى أن تكون «به» قيدا لما بعدها ، وهو الجمع لا لما قبلها. فتأمل.
قال (٢) : وقيل المراد توسط الآبال جمع منى. وأنت خبير بأن حمل الآيات الخمس بما لمفرداتها من ظواهر المعاني على إبل الحاج الذين يفيضون من جمع إلى منى ، خلاف ظاهرها جدا. أقول : سيأتي عما قليل بعض الكلام عن ذلك ، فانتظر.
والآن لا بد من تطبيق معاني الآيات ، على المعاني الخمسة للعاديات : بعد أن توضحت لنا تفاصيل المعاني. وذلك كما يلي :
المعنى الأول : وهو المشهور جدا بين المفسرين ، بما فيهم صاحب الميزان حيث قال (٣) : وقيل والمعنى : فأقسم بالخيل الهاجمات على العدو بغتة في وقت الصبح.
المعنى الثاني : الإبل الذاهبة إلى منى ، أو إلى أي مكان. ويفترض أنها لا تمشي الهوينا بل تؤمر بالركض وتحثّ عليه للوصول إلى الهدف في أسرع وقت. فنطبق ذلك على تفاصيل الآيات :
(ضبحا) : والضبح كما عرفنا ، صفة للخيل ، ولكن يمكن أن يكون صفة للإبل مجازا.
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٤٦.
(٢) المصدر والصفحة.
(٣) المصدر والصفحة.