وهو يتغير بعد ذلك مباشرة لحكمة ندركها ، وهو الإشعار والإشارة إلى الاثنينية بين القسم والمقسم له. أو قل : الإشارة إلى النتيجة بعد الانتهاء من المقدمة ثبوتا أو إثباتا.
سؤال : ما هو معنى كنود ، في قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)؟.
جوابه : قال الراغب في المفردات (١) : قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ). أي كفور لنعمته ، لقولهم : أرض كنود إذا لم تنبت شيئا. وأيده صاحب الميزان قال (٢) : الكنود الكفور.
أقول : وهو استعمال مجازي لطيف. وإشكاله : أنه حينئذ ينبغي أن يقال : بربه لكنود. لأننا نقول : كفر به لا كفر له.
فإن قلت : فإن استعمال اللام بمعنى الباء مجازا محتمل.
قلت : هو محتمل ، ولكنه لا يتعين إلّا مع الانحصار ، وسنبين أنه غير منحصر. فيتعين المعنى الحقيقي للام.
إذن ، ليس المراد بالكنود الكفور ، نعم ، هم فهموا ذلك من الأرض غير المنتجة. والكافر بمنزلتها. ولكنه مع ذلك ، ليس هذا معنى منحصرا. فإن الإنسان غير المنتج له عدة معان :
الأول : إن الإنسان غير نافع لربه كالأرض التي لا تنبت شيئا. من حيث إن الله سبحانه غني عن العالمين. كما قال في الدعاء (٣) : إلهي أنت الغني بذاتك أن يصل إليك النفع منك فكيف لا تكون غنيا عني.
الثاني : إن الإنسان قليل الطاعة. كما قال تعالى (٤) : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ). وقال (٥) : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً).
__________________
(١) المفردات مادة «كند».
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٤٦.
(٣) انظر مفاتيح الجنان ٢٧٣.
(٤) سبأ / ١٣.
(٥) الأحزاب / ٧٢.