وكذلك على الوجهين في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ).
فإن الخير يمكن فهمه على وجوه :
الأول : المال. وعليه المشهور. كما في قوله تعالى (١) : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) ... أي ثروة.
الثاني : مطلق الخير ، كما احتمله الطباطبائي قدسسره حيث قال (٢) : ولا يبعد أن يكون المراد بالخير مطلقه. ويكون المراد : إن حب الخير فطري للإنسان. ثم إنه يرى عرض الدنيا وزينتها خيرا ، فتنجذب إليه نفسه ، وينسيه ذلك ربه أن يشكره.
أقول : وهذا معناه أن السياق غير مختص بالكافر والفاجر ، لأن كل الناس مجبولون على ذلك. وكذلك الحال بناء على الوجه الأول. فيكون هناك نحو تناف بين تفسير المشهور للآيتين. ولا يبقى وجه للإشارة لحب الكافر بالخصوص للمال ، مع حب الجميع له.
الثالث : الخير المطلق. وهو الله سبحانه. فإنه عين الكمال وحقيقته. حتى سمي بالخير في قوله تعالى (٣) : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً). على مناقشة سبقت في سورة الفلق.
فيكون المعنى : وإنه لحب لله لشديد. فيكون السياق دالا على الفضلاء لا على الفجار.
سؤال : ما هو معنى شهيد في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ).
جوابه : إن فيه عدة أطروحات :
الأطروحة الأولى : ما عليه المشهور من أن الشهيد بمعنى الشاهد. قال في الميزان (٤) : فالمعنى : وإن الإنسان على كفرانه بربه شاهد محتمل. أقول :
__________________
(١) البقرة / ١٨٠.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٤٧.
(٣) يوسف / ٦٤.
(٤) ج ٢٠ ، ص ٣٤٦.