الوجه الثاني : إن المقدر فيهما واحد ، وإنما كرر إيضاحا. ووحدة السياق تدعم هذا المعنى.
ولكن ينبغي أن نلاحظ أنه ما هو العلة وما هو المعلول من هذين اليومين المذكورين في يومئذ؟ طبعا الأول منهما يكون بمنزلة العلة أو الشرط والثاني يكون بمنزلة المعلول أو المشروط. أو يكونان بمنزلة المعلولين لعلة واحدة ، وهو الزلزال. فيحصل منه أمران مقترنان : أن تحدث الأرض أخبارها وأن يصدر الناس أشتاتا.
سؤال : عن معنى قوله : أشتاتا.
جوابه : قال الراغب (١) : الشت تفريق الشعب. يقال : شتّ جمعهم شتا وشتاتا ، وجاءوا أشتاتا. أي متفرقي النظام. قال تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً). وقال : (مِنْ نَباتٍ شَتَّى) أي مختلفة الأنواع. وقال : (قُلُوبُهُمْ شَتَّى). أي هم بخلاف من وصفهم بقوله : (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ).
وقال العكبري (٢) : أشتاتا حال. والواحد منه شتّ ، إلخ.
أقول : ومفرده مشتّ. واسم فاعله شات. ومشتّ رباعي (أو مزيد فيه) من أشت أي حمل غيره على التفرق. فيكون معناه : مفرّق وليس متفرق. وأما شاتّ فهو من الثلاثي. من شتّ إذا تفرق الجمع.
وأشتات جمع تكسير لمشتّ أو شاتّ أو شتّ. ولكن شاتّ ومشتّ يجمع جمعا سالما أيضا : شاتّين ومشتّين.
ويمكن طرح أطروحة أخرى ، وهي احتمال كون : أشتاتا ، مفردا وليس جمعا. وحسب فهمي أن ذلك فيه عدة أطروحات :
أولا : إنه مفرد بمنزلة الصفة المشبهة.
__________________
(١) المفردات مادة : «شت».
(٢) ج ٢ ، ص ١٥٧.