وكذلك في قوله تعالى : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
سؤال عن قوله تعالى : (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ).
جوابه : قال العكبري (١) : ليروا يتعلق بيصدر. ويقرأ بتسمية الفاعل وبترك التسمية وهو من رؤية العين. أي جزاء أعمالهم.
أقول : إن قلت : ليروا ليس جارا ومجرورا ليتعلق بشيء. قلت : إنهم يعتبرونها بتقدير أن المصدرية. فتكون لام الجر داخلة على المصدر المسبوك منها مع مدخولها. فيحتاج إلى متعلق.
ويكون المعنى بناء على القراءة المشهورة ، مبنيا للمفعول ، أن الفاعل المحذوف هو الله سبحانه أو الملائكة ، ونحو ذلك ، يعني : يريهم أعمالهم.
وإن قرأناه على القراءة الأخرى مبنيا للفاعل ، كان من رؤية العين وقد أخذ مفعولا واحدا. وأما إذا قرأناه مبنيا للمفعول. فهو بمعنى تعديه إلى مفعولين ، باعتبار تحوله من الثلاثي إلى الرباعي. فالثلاثي : رأى يرى ، والرباعي : أري ، يرى. إذا حمل على الرؤية ، وهذا قليل الاستعمال في العربية. ومثاله : خاط زيد الثوب. وأخاط زيد عمرا الثوب أي حمله على الخياطة. فيتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر. وكذلك الحال في يروا. بأن يكون نائب الفاعل بمنزلة المفعول الأول. والمنصوب هو الثاني.
قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
قال مشهور المفسرين : إن المراد أن الإنسان يرى عمله يوم القيامة.
ويرد على ذلك عدة إشكالات.
الإشكال الأول : ما أشرنا إليه فيما سبق من أن المرئي حقيقة إن كان هو العمل ، فلا وجود له يوم القيامة ليكون قابلا للرؤية.
ويجيب المشهور على ذلك بأحد وجهين :
__________________
(١) ج ١ ، ص ١٥٧.