على أن العبارة على هذا التقدير ، تحتاج إلى تقدير ، وهو خلاف الأصل. في حين لو زال التقدير ، فيكون المرئي هو نفس العمل ، وهو مما يمكن حصوله ، سواء أثيب عليه أم لا.
على أننا يمكن أن نجيب على السؤال بأجوبة أخرى :
منها : أن هؤلاء الذين أشار إليهم القاضي عبد الجبار وهم الكفار والفسقة ، ليس لهم طاعات إطلاقا ، فلا يرونها لأنها غير موجودة. وذلك لأكثر من تقريب.
التقريب الأول : إن الطاعات إنما تقبل في ميزان العدل الإلهي ويجزى عليها بالخير ، وذلك : مع درجة من صفاء النية وطيبة القلب. ولو كانت بدرجة ضئيلة جدا. وإلّا لم يكن العمل مقبولا ، فلا يكون لديه طاعات حقيقة ، وإن تخيل ذلك لنفسه. ويؤيد ذلك ما ورد من (١) : إن الله لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم.
التقريب الثاني : ما ورد من أنه (٢) : لا تقبل طاعة عبد إلّا بولايتنا أهل البيت. ومعه فإن كانت الولاية موجودة فالطاعة موجودة أو أن العمل طاعة فعلا. وإلّا لم يكن طاعة ، وإن توهم ذلك. ومن تطبيقات ذلك قول الكافر يوم القيامة : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً)(٣).
هذا ، ولو أخذنا بالفهم الذي رجحه القاضي عبد الجبار ، وهو حصول النجاة بمجرد أن تثقل كفة الحسنات. فعندئذ يدخل الجنة بغير حساب. حينئذ أمكن أن نقيد الآية الكريمة بذلك. بأن نقول : إنه يرى حسناته إذا لم تثقل سيئاته عليها ويرى سيئاته إذا لم تقل حسناته عليها ، ومن الواضح أن التقييد لا ضير فيه عرفا.
سؤال : ما هو محل خيرا وشرّا من الإعراب؟
__________________
(١) انظر : ص ٢١٧.
(٢) البحار ، ج ٢٧ ، ص ١٦٩.
(٣) النبأ / ٤٠.