الرابع : يوجد في الآية ذكر لصفتين من الناس ، كلاهما متعاضدان ضد الحق والإسلام. كانوا على ذلك ولا زالوا عليه هما أهل الكتاب والمشركون. فهذا التعاضد المنصوص لا ينفك ولا يتبدل حتى تأتيهم البينة.
إعراب هذه الآيات :
قال العكبري (١) : والمشركين هو معطوف على أهل. ومنفكين خبر كان. و (من أهل) حال من الفاعل في كفروا.
أقول : ـ للتوضيح ـ فإن قلت : هذا تفصيل بعد إجمال. ويكون المعنى أن الكفار متصفون بصفتين : كونهم مشركين وأهل كتاب. والتفصيل بعد الإجمال لا يناسب معنى الحال الذي ذكره العكبري.
قلت : هذا وإن كان صحيحا ، إلّا أنه ينافي معنى الحال ، لأن المراد كون حالهم كذلك.
وأضاف العكبري (٢) : رسول هو بدل من البيّنة ، أو خبر مبتدأ محذوف.
أقول : حسب فهمي : إن الأفضل هو معنى البداية. لأن الخبرية تستلزم التقدير. وهو خلاف السياق ، وكذلك أن الضمير لا يعود إلى مرجع محدد في العبارة عندئذ.
فإن قلت : كيف يكون المذكر : رسول ، بدلا من المؤنث : البيّنة؟
قلت : أولا : إنه إبدال مجازي ، وليس حقيقيا ، لعدم صحة حمله عليه حقيقة. بل هو من أسبابه. لإقامة الحجة عليهم بالرسول : فناسب نسبة العلة إلى المعلول مع إسقاط لحاظ التأنيث.
ثانيا : إن التأنيث في البينة لفظي. والتأنيث المجازي بمنزلة المذكر.
وأضاف العكبري (٣) : من الله ، يجوز أن يكون صفة. أقول : يعني : أنه موصوف بأنه من الله.
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٥٦.
(٢) المصدر والصفحة.
(٣) المصدر والصفحة.