وَأَضَلُّ سَبِيلاً). فلا يمكن أن نفهم منها أنه أكثر عمى.
وبذلك ينتفي الفهم المشهوري والارتكاز المتشرعي. إلّا أن نفهم ـ كأطروحة محتملة ـ أنه معنى موروث جيلا بعد جيل من قبل الأئمة عليهمالسلام ، فيكون من قبيل السنة التي تفسير القرآن الكريم. ولم يثبت ذلك. فتبقى دعوى المشهور مفتقرة إلى دليل. وسيأتي مزيد إيضاح لذلك.
سؤال : كيف وصفهم القرآن الكريم بذلك ، ولعل في البرية من هم أكثر شرّا منهم أو أكثر خيرا؟
جوابه : إن هذا مسند من قبل القرآن الكريم نفسه. لأنه يشهد بأنهم شرّ البرية وخير البرية (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً)(١). هذا مع متابعة الفهم المشهوري للتفضيل.
سؤال : إن الأشر يجب أن يكون واحدا لا جماعة ، فكيف أصبحت الجماعة أشر البرية؟
جوابه : إن التفضيل مقبول بالتشكيك بوجود الفاضل والأفضل منه. (لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٢). في الكمال والنقص أي من ناحية الخير ومن ناحية الشر. وكلاهما مراتب متعددة. وكلما زاد الكمال قلّت الأفراد ، وكلما قلّ زادت.
فإذا لاحظ المتكلم الكمال الأعلى ، فإنه ينحصر بواحد. وأما إذا لاحظ الكمال المتوسط أو الأدنى ، فهو واسع في جماعة. فمن الممكن في الآية أن يكون قد لاحظ ذلك.
ثم إننا ينبغي أن نلتفت هنا إلى أن الله تعالى قسّم البشرية إلى قسمين : قسم صالح وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وقسم طالح وهم الكفار
__________________
(١) النساء / ١٢٢.
(٢) آل عمران / ١٦٣.