قدروا فعل الأمر : قل أو اقرأ أو استعن : بصفته تعليما لرسول الله صلىاللهعليهوآله بالمباشرة ولكل الناس بالتسبيب.
هذا : وقد استنتج في المصدر المشار إليه (١) أنه : يتعين أن يكون متعلق الجار والمجرور هو أبتدئ. أقول : لو تمّ له كل ذلك وتنزلنا عن المناقشات السابقة ، فغايته صلاحية مادة الابتداء لكونها متعلقا. وأما كونها بصيغة المضارع أو الأمر أو الاسم الذي يكون خبرا لمبتدإ محذوف ، فهذا مما لا يتعين في حدود ما ذكره من الدليل. فقوله : إنه يتعين الابتداء بصيغة المضارع خاصة ، جزاف من القول.
سؤال : لما ذا قال : بسم الله. ولم يقل بالله. أليس الاعتماد على الله مباشرة أفضل من الاعتماد على اسمه؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إننا لو قصدنا ذات الله سبحانه كواقع ، فلا معنى لذكره إلّا بطريق الإشارة إليه عن طريق أسمائه. فنشير إلى الله باسم الله. ولو قلنا بالله لكنا ـ أيضا ـ قد وسّطنا الاسم. وذلك : لأن اللغة تقتضي ذلك. ولا فرق بحسب النتيجة أن نقول بالله أو بسم الله.
الوجه الثاني : إننا لو قلنا : بالله الرحمن الرحيم لقصدنا ذات الله سبحانه ، وعندئذ تسقط المعاني التفصيلية الموجودة في هذه الأسماء : الله ، الرحمن ، الرحيم. في حين أن الحكمة تقتضي أن تلحظ هذه الأسماء لحاظا واضحا ، وأن تقصد بعناوينها التفصيلية. ولا تكون لمجرد الإشارة إلى الذّات المقدّسة. فالتركيز على هذه الأسماء لمدى أهميتها ، لا على الذات. ولو كان التركيز على الذات لانمحت استقلالية ، وتفاصيل هذه الأسماء وهذا على خلاف الحكمة.
الوجه الثالث : إن الأسماء الحسنى يمكن أن تكون الواسطة بين العبد وربّه. فهل هناك واسطة فعلا بين العبد وربه؟
__________________
(١) البيان في تفسير القرآن ص ٤٥٧.