من أهل الكتاب والمشركين. ثم لاحظ المجموع وسماهم البرية. فخير البرية هم المؤمنون وشرها الكفار.
يمكننا أن نلاحظ هنا ما سبق أن قلناه من عدم استفادة التفضيل باعتبار أن المقصود هو كون هذه الجماعة هي خير للبشر أجمعين وتلك هي شر لهم.
سؤال : ما هي الحاجة إلى قوله : (أُولئِكَ هُمُ). مع أنه كان يمكن الاكتفاء بأحدهما؟
جوابه : من عدة وجوه :
أولا : إن أوضح مبرر لذلك هو التأكيد الذي ينتج من التكرار. وقلنا : إن أقصى التأكيد هو التكرار ثلاث مرات. وهو متحقق هنا في الذين وأولئك وهم. ويكون التأكيد لدفع كل الأوهام المحتملة.
ثانيا : إنه بعد التنزل عن الوجه الأول نقول : إنه للدلالة على الحصر. وهو نفي الزائد.
ثالثا : الاحترام ، كما قال سبحانه (١) : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ). فهو يشير إلى شيء مرتفع معنويا ، احتراما له ، كذلك يقول هنا : أولئك. ويشير إلى من هم مرتفعون وعالمون في المقام. ويمكن أن يعم ذلك لكلا البعدين المعنويين للخير والشر معا.
رابعا : إن حذف أحدهما يخل بالسياق القرآني ، وهذا ما ندركه بالذوق.
خامسا : إشارة إلى المجموعة كمجموعة ، لأن لفظ الخير مفرد ، فاحتاج إلى هذا التأكيد ، لإبراز جهة المجموع ، ليفهم السامع أن المراد بالخير : الكلي ، وليس المفرد الحقيقي.
سادسا : لو كانت الجملة بدون «هم» لبدت منفصلة عن سابقتها. وهذا مما يدرك بالذوق أيضا.
__________________
(١) البقرة / ٢.