إحداهما : أطروحة عودة الضمير إلى نفس ما ينزل في ليلة القدر من الأوامر أو العطاء. وهذا بمعنى قد يكون مباينا للقرآن وبمعنى آخر قد يكون أعم منه وشاملا له.
الأخرى : الخلق كله. فإن الإنزال هو الخلق باصطلاح القرآن ، كما قال تعالى (١) : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) أي خلقناه وأوجدناه. ويراد بليلة القدر كتم العدم. ومن القدر أهمية وتعظيم هذا الخلق والإيجاد.
سؤال : عن الفرق بين الإنزال والتنزيل.
جوابه : المشهور بما فيهم الميزان (٢) ، قالوا : بأنهما بمعنيين : الأول. دفعي والثاني : تدريجي. وأيد ذلك صاحب المفردات (٣) وسيأتي أنه ليس معنى لغويا.
فإن كان المقصود بالكتاب القرآن ، كما عليه المشهور ، كان للقرآن نزولان دفعي وتدريجي ، أما الدفعي ففي ليلة القدر وأما التدريجي ففي خلال ثلاث وعشرين سنة منذ البعثة إلى وفاة النبي صلىاللهعليهوآله. كما قال الله سبحانه (٤) : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً). بأن نفهم من قوله (على مكث) أنه ببطء وبالتدريج.
وأمّا النزول الدفعي في ليلة القدر ، فقد كان إلى السماء الأولى ، كما في بعض الروايات (٥) ، أو نزول على قلب النبي صلىاللهعليهوآله.
ولكن حسب فهمي : أنه لا يوجد في أصل اللغة بينهما فرق ، أعني : نزّل وأنزل ، وإنما المادة تدل على الانحطاط من فوق إلى تحت ، وكلاهما متعدّ. وإن لم يكن نزل متعديا. ولكن أنزل أو نزّل غيره ، يعني جعل غيره ينحط.
__________________
(١) الحديد / ٢٥.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٣٠.
(٣) المفردات مادة : «نزل».
(٤) الإسراء / ١٠٦.
(٥) انظر مجمع البيان ج ١٠ ، ص ٥١٨.