وأما أن النازل كله (ليكون دفعيا) أو بعضه (ليكون تدريجيا) ، فلم يلحظ في أصل اللغة. وما دعمه الراغب به من الكلام إنما هو بالرأي لا بحسب الأصل اللغوي. وكذلك المشهور.
ولكن مع ذلك يمكن القول إن له نحوا من الظهور في ذلك ، بعد الالتفات : إلى أن اللغة المعتمدة في الكتاب والسنة ليست هي اللغة القاموسية أو الأصلية ، فقط. بل العرف أيضا له دخل فيها. والظهور العرفي وإن لم يكن له دخل في اللغة ، إلّا أن له دخلا في الفهم الاجتماعي والعام لها.
وعندئذ ففي الإمكان القول إن العرف يوافق على فهم الدفعية في أنزل والتدرج في نزّل ، يعني بعضا بعد بعض.
ولكن هذا يحتاج إلى صغرى وهي وجود هذا العرف في عصر الصدور والنزول. فإننا لا بد أن نحمل النص القرآني ، على ما كان عليه يوم نزوله في لغته وعرفه. وعندئذ ففي الإمكان القول : إن ما كان يومئذ متحققا في ذلك الحين هو الإنزال الأعم بدون لحاظ التدريجية والدفعية.
فإن قلت : فإننا حيث نفهمها الآن يمكن أن نستصحبه استصحابا عكسيا قهقرائيا ، كما في غيره من الظهورات ، فيثبت وجوده آنئذ.
قلت : ولكنه معارض باستصحاب آخر غير قهقري. لأننا نعلم أن الاستعمال قبل الإسلام كان بالمعنى المذكور في أصل اللغة. وهو مطلق النزول. ونشك أنه بعد الإسلام هل تحول إلى معنى التدريج أم لا ، فنستصحب عدم التحول. أو قل : بقاءه على معناه الأصلي. فيثبت نزول القرآن على ذلك الفهم. ولا أقل من التعارض والتساقط بين الاستصحابين فلا يثبت مراد المشهور.
أو نقول : إن الاستصحاب القهقري لما كان عكس القاعدة ، فيقدم الاستصحاب الموافق للقاعدة ، وهو الآخر المخالف للمشهور في النتيجة.
ونستطيع التمسك بإطلاق ما هو منزل للشمول لجميعه. فإنه لو كان