ولكنه بالتحليل يكون أمرين : محمد وعلي ، لأنهما نفس واحدة. بدليل قوله تعالى (١) : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ). فهو عليهالسلام نفسه ولكنه غيره. والكثرة عين الوحدة. كما قيل في الحكمة المتعالية.
وليس هذا غريبا ، فنفس الإنسان واحدة ، ولكنها ـ في نفس الوقت ـ كثيرة. ففيها القوة الغضبية والشهوة والرغبات والحاجات ولكنها مع ذلك نفس واحدة. والكثرة عين الوحدة.
ونستنتج من ذلك : إن هذه الحقيقة النورية العليا ، هي أول الموجودات ، وأشرفها وأقدرها وأعلاها وأعلمها ، وهي مسيطرة على جميع الموجودات بأقدار من الله سبحانه.
وينبغي الإلماع إلى أن كون علوم الفاتحة في البسملة ... إلخ ، إنما هو معنى روحي وليس ماديا ولا لغويا ، لتعذر ذلك.
ولئن استطعنا ذلك في البسملة ، فلا يمكن ذلك في الباء والنقطة كما هو واضح ، فيتعين المعنى الروحي.
ويحسن هنا الالتفات إلى نكتة فلسفية : وذلك : إننا قلنا فيما سبق : إن الروح بسيطة وإن العلم مركب. فكيف يتعلق المركب بالبسيط ، الذي هو زائد عن ذاتها لأنها ليست كالباري عين ذاتها؟
ولا بد أن نشير إلى أن هذا الأمر ، قد يعرض بصفته متعلقا بأمير المؤمنين عليهالسلام ، لأن روحه العليا متضمنة لكل علوم الكون ، طبقا لهذه الرواية : وأنا النقطة. ولكن قد يعرض فيما هو أوسع من ذلك ، بشكل يشمل كل فرد ، من حيث إن العلم مركب ، في حين أن أي فرد فإن عقله وروحه بسيط.
وهذا له عدة أجوبة :
الجواب الأول : أن نقول إن العلم بسيط وليس بمركب. والذي ندعيه من
__________________
(١) آل عمران / ٦١.