قال في آية ثانية (١) : (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى). وقال أيضا (٢) : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى).
ثانيا : كأطروحة : إن المراد : اقرأ باسم ربك الأكرم. كما قال أولا : اقرأ باسم ربك الذي خلق. ولكنه لا يعبر بذلك لأنه يصبح فيه سماجة التكرار ، فعبر بهذا التعبير : اقرأ وربك الأكرم.
واسم الموصول : الذي. هنا ، يعني من هذه الجهة ، أي من جهة أنه (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ). فهو يستحق التسبيح من هذه الجهة. مضافا إلى الجهات الأخرى. وهي جهة إثباتية ، يعني الإحساس والشعور بهذه المنة. وفيه جهة ثبوتية : وهي أنه لو لا تعليمه لما حصلت القراءة تكوينا. فأصل وجود القراءة باسمه بأي معنى فسرنا القراءة.
سؤال : ما هو معنى تعليم الله للإنسان أو قل : ما هي كيفية نسبة التعليم إليه سبحانه؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إن كل الخلق منسوب إليه بنحو فلسفي ، ليس هنا محل بيانه ، فتعليم الإنسان من جملة ذلك.
وهي فكرة قالها الشيخ المظفر عن أستاذه الشيخ الأصفهاني عن مشهور الفلاسفة ، أنهم قسموا العلة إلى قسمين :
القسم الأول : علة ما به الوجود. ويراد به التسبيب غير الإلهي.
القسم الثاني : علة ما منه الوجود. وهو التسبيب الإلهي.
فأي شيء حينما تتم علته ، يطلب بلسان حاله الوجود من الله تعالى ، وهو كريم لا بخل في ساحته ، فيفيض عليه الوجود فيوجد.
__________________
(١) طه / ٥٠.
(٢) الأعلى / ٢ ـ ٣.