ثانيا : التمرد على فروع الدين. كترك الصلاة.
وهذان الأمران يجتمعان مع ما قلناه من قبل بأن الإنسان قد يتمرد على نفسه تارة وعلى غيره تارة أخرى ، بكلا الشكلين : ففي أصول الدين يكون مضلا لنفسه وللآخرين. قال تعالى (١) : (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ). وقال (٢) : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي). وفي فروع الدين يكون ظالما لنفسه أو لغيره. قال تعالى (٣) : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ). وظلم النفس مكرر في القرآن كثيرا. ومنه قوله تعالى (٤) : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). وقال (٥) : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).
ثالثا : الشعور بالاستقلالية ، إما بعنوان الشعور بأهمية ذاته وهو الاستكبار. وهو مساوق للشعور بأنه هو الفاعل لكل النعم الموجودة في حوزته قال تعالى عن لسانه (٦) : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي). وإما بعنوان الشعور بالأسباب. ومثاله قوله تعالى (٧) : (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ). والثاني أعم من الأول.
فيراد من قوله تعالى : (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) : عقد ملازمة شرطية بين الجملتين. كأنه قال : إذا استغنى طغى. وإنما يشعر بالاستغناء إذا (رآه) يعني رأى نفسه بالجنبة الاستقلالية ، أو رأى نفسه مستغنيا. أو أن رؤيته للنفس هي الاستغناء أو أن هناك ملازمة بين رؤية النفس والاستغناء. فيكون المحصل : أن رؤية النفس سبب للشعور بالاستغناء والشعور بالاستغناء سبب للطغيان أعاذنا الله من كل شر.
__________________
(١) النساء / ١١٣.
(٢) سبأ / ٥٠.
(٣) إبراهيم / ٣٤.
(٤) البقرة / ٥٧.
(٥) التوبة / ٣٦.
(٦) القصص / ٧٨ ، وانظر الزمر / ٤٩.
(٧) هود / ٧٢.