وهنا لا بد من الإشارة إلى ما التفت إليه السيد الطباطبائي (١) : من أن فاعل «رآه» ومفعوله واحد ، وهو الإنسان.
وحسب فهمي أن الإنسان قد يجرد نفسه رائيا ومرئيا في عين الوقت. أي هو الرائي وهو المرئي. ومثاله : أن الفرد قد يرى نفسه في المنام بكامل جسمه ، كأنه يرى إنسانا آخر ، ومع ذلك فهو هو لا غيره.
وهنا قال العكبري (٢) : أن رآه. هو مفعول له أي يطغى لذلك.
أقول : هذا ناشئ من أمرين :
أولهما : فهم التعليل ، أي لأجل أنه يرى نفسه مستغنيا ، أو بسبب ذلك.
ثانيهما : وهو وجه نحوي : قالوا : إن المصدرية تسبك دائما هي مع ما بعدها بمصدر. والمصدر (بصفته مفردا غير مركب) يحتاج إلى محل الإعراب. وهو هنا مفعول لأجله. وأما إذا كان جملة ، فالجمل لا يتعين أن يكون لها محل من الإعراب دائما.
وقول النحويين : إن لك أن تسبك هي مع ما بعدها بمصدر. فيه مناقشة ، لأن إن المخففة من الثقيلة لا تسبك مع ما بعدها بمصدر. فالجملة فيها موضوع ومحمول ، أي أنه معنى تصديقي ، بينما المفرد معنى تصوري ذو نسبة ناقصة. فإن النسبة التامة تزول إذا جيء بدلها بمفرد أو مركب وصفي. وسوف يتغير المعنى بطبيعة الحال.
وقد قالوا في علم الأدب : إن المتكلم أراد أن يعطي صورة متحركة. وهذا إنما يتوفر إذا كان جملة تامة. وأما إذا كان مفردا فلن يكون متحركا بل جامدا. فنكون قد أهملنا جزءا معتدّا به من الأدب القرآني الذي أراده المتكلم. ولا حاجة إلى هذا الإهمال.
سؤال : لما ذا فتحت همزة أن ، مع أن المناسب كسرها؟
__________________
(١) الميزان : ج ٢٠ ، ص ٣٢٥.
(٢) ج ٢ ، ص ١٥٦.