لم يسرقوا ولم يشربوا الخمر ولم يحلوا سراويلهم على حرام. كحمزة سيّد الشهداء وأبي طالب وغيرهم. وكل ذلك من فروع الدين.
قلت : هناك فرق مفهومي بين النهي عن الطاعة كالصلاة ، والأمر بالمعصية كشرب الخمر. وما تعرضت له الآية الكريمة هو النهي عن الطاعة وليس الأمر بالمعصية. ولم تكن هناك طاعات واجبة عليهم لكي يكون النهي متوجها إليها. وأما الفروع المذكورة ، فإنما كانت من قبيل التروك للحرام لا الفعل للواجب. فلا يتعين أن تكون السورة منزلة في أول الوحي.
سؤال : عن تكرار الفعل : (أَرَأَيْتَ) في الآيتين : (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى. أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى).
قال في الميزان (١) : والمفعول الأول لقوله : (أَرَأَيْتَ) الأول : قوله : (الَّذِي يَنْهى). أقول : وهو اسم كان أيضا ، إما بكونه مقدرا أو مضمرا أو مستترا. يعني إن كان هو. والمراد به : الذي رأيته ينهى. وسيأتي الكلام فيما إذا كان بالإمكان التفكيك بينهما.
وقال أيضا : ول أرأيت الثالث ضمير عائد إلى الموصول. أقول : مرجع الضمير في أرأيت الأول والثالث : هو هو. وهو الناهي أيضا.
وأضاف قدّس سره : والمفعول الثاني ل أرأيت في المواضع الثلاثة قوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى).
أقول : وهذا واضح الفساد لأكثر من أمر واحد :
أولا : لإمكان حملها جميعا على الرؤية البصرية نحويا. فلا نحتاج إلى مفعول ثان.
ثانيا : إن قوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) ، جملة وردت مرة واحدة. ولا يمكن أن يعمل فيه عوامل متعددة دفعة واحدة. بل كل واحد يحتاج
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٢٦.