رابعا : أن يدخل النار ، فيسود وجهه من الاحتراق أو من الدخان.
خامسا : المراد بها حمرة الغضب. فغضب الفاسق يدخله في بلاء لا يرتاح منه ، أو يصبح في صعوبة نفسية إلى حد يصبح في وجهه سفع. وهذا لا يحصل لكل أحد ، بل يحصل لمن ليس له تسليم ورضا بقضاء الله وقدره. وهو دأب الفاسق الفاجر.
سادسا : أن يسود وجهه في الدنيا. فإن المؤمن في وجهه نور الإيمان ، والفاسق في وجهه ظلام وسواد. قال تعالى (١) : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً). وقال (٢) : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها. وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ).
وقال في الميزان (٣) : قال في المجمع : السفع الجذب الشديد. يقال : سفعت بالشيء إذا قبضت عليه وجذبته جذبا شديدا.
أقول : إنه ـ قدّس سره ـ تمسك بمعنى الأخذ ، وأهمل معنى السواد تماما. وفرقه عن كلام الراغب أمران :
الأول : أننا ينبغي أن نقيد كلام اللغويين بعضه ببعض ، فنقول : هو أخذ مع حصول السواد ، فيكون كلاهما عنصرا في معنى السفع.
الثاني : إننا قلنا في المقدمة ، إننا ينبغي أن نأخذ التفاسير اللغوية التي تكون أسبق رتبة من القرآن الكريم ، يعني الأمور التي ذكرها اللغويون بغض النظر عن الآيات القرآنية. وأما ما كان متأخرا رتبة عن الآية ، فلا نأخذ به ، وإنما يكون الرأي خاصا بصاحبه ، وليس حجة على غيره ، فكذلك الحال في الرأي الذي نقله صاحب الميزان عن المجمع.
وقوله : (ناصية) الثانية من الناصية (الأولى). وقوله : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ
__________________
(١) يونس / ٢٧.
(٢) النور / ٤٠.
(٣) ج ٢٠ ، ص ٣٢٦.