سؤال : ما هو معنى النداء؟
جوابه : قال الراغب (١) : النداء رفع الصوت وظهوره. إلى أن قال : وأصل النداء من الندى أي الرطوبة (ومنه الندى الليلي ويقال : محل ندي وفيه نداوة) يقال : صوت ندى رفيع. واستعارة النداء للصوت من حيث إن من يكثر رطوبة فمه حسن كلامه ، ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق. (كما يوصف الكريم بكثرة الرماد). ويسمى الشجر : ندي ، لكونه منه ، وذلك لتسمية المسبب باسم سببه.
أقول : إن هذه التسمية للشجر مجازية بالأصل لأن النداوة وهي الرطوبة إنما تكون في باطن الورقة لا في ظاهرها. وليس المفروض أن في الظاهر أية رطوبة. وبتعبير آخر : إنه يراد من النداوة هنا : الليونة. وقد كانت مجازا ، فأصبحت حقيقة.
إلى أن قال الراغب : وعبّر عن المجالسة بالنداء حتى قيل للمجلس النادي والمنتدى والندي. وقيل : ذلك للجليس. قال : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ). ومنه سميت دار الندوة بمكة.
أقول : يتحصل من ذلك عدة أطروحات لفهم النادي ، في الآية الكريمة :
١ ـ المكان الذي ينتدى به ويجتمع به.
٢ ـ نفس الجماعة المنتدية في النادي.
٣ ـ أن يراد بالنادي الأعم من الواحد والمتعدد. وفي الوجهين السابقين لا ينطبق إلّا على المفرد.
٤ ـ ما ذكره ابن منظور في لسان العرب قال (٢) : فليدع حيّه وقومه.
أقول : وهو على نحو المجاز.
٥ ـ وهي متوقفة على مقدمة ، وحاصلها : أن النداء قد يكون لأجل الاعتقاد بمذهب معين. كما قال تعالى (٣) : (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى
__________________
(١) المفردات ، مادة : «ندي».
(٢) لسان العرب مادة : «ندي».
(٣) الأنعام / ٧١.