فيجاب بنفس الجواب : أنه يصح على تقدير الانحصار. وهو منفي في عدد من الروايات من أن هناك مواقف عديدة ومقامات كثيرة ، فلا بأس أن تسمى كل رتبة وكل صعوبة باسم مستقل. وأما إرجاعه إلى معنى واحد ، فهو فهم ساذج.
سؤال : لما ذا قال : (لا تُطِعْهُ) ، ولم يقل : اعصه. مع أن الإثبات أولى من النفي؟
جوابه : من عدة وجوه :
الأول : إن في النفي تأكيدا لقوله : كلّا. فيكون كلا لا. وكلا ضرورية باعتبار كونها جوابا لما قبلها كما سبق.
الثاني : إن هذا هو الأنسب مع الفهم العرفي ، لأنه يفهم من معنى الطاعة : تنفيذ مقاصد الآمر ورغبته. وهو إن ترك صلاته فقد أطاعه. فينهاه عن ذلك. فإذا استمر بصلاته فقد عصاه. ولكنه في الحقيقة لم يحقق هدف هذا الأمر فيكون : (لا تُطِعْهُ). يعني لا تحقق ذلك الهدف الذي قصده.
فكما أن المقصود منه جهة عملية ، فإن فيه جهة نفسية للآمر ، وذلك بعصيانه وإفشاله ، وهذا لا يتوفر إلّا بعنوان الطاعة. أعني : النهي عن طاعته ، كما ورد في الآية الشريفة.
الثالث : ضرورة جمال السياق القرآني ، إذ بدونه يفسد السياق.
هذا. وقد ورد لفظ : كلّا في السورة عدة مرات ، كلها تصلح أن تكون «جوابا» : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى ، كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ، كَلَّا لا تُطِعْهُ).
مضافا إلى جواب رابع. وهو قوله : (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى). إذا أرجعنا الضمير إلى المصلي. وكلا منها ، يراد بها التوصل إلى النتيجة النهائية ، وهي : وجوب عصيان أهل الباطل والاقتصار على إطاعة الأوامر الإلهية. بالاستمرار بالسجود والتقرب الذي كان ينهى عنه المشرك.