الآخرة ، فيستعاذ منه. وهذا البلاء الباطني مرفوع عن المعصومين عليهمالسلام. قال أمير المؤمنين (١) «لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا» وقال : «ما رأيت شيئا إلّا ورأيت الله قبله وبعده».
قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ).
النفث هو النفخ. وكانت الساحرات يقرأن طلاسم ويعقدن شيئا وينفخن على العقدة ، حتى تؤثر التأثير المعين الذي يردنه.
سؤال : لما ذا خصّت النساء بالذكر مع أنه ممكن للرجال أيضا؟
جوابه : ما قاله صاحب الميزان قدس سرّه (٢) : لأن السحر فيهن ومنهن أكثر من الرجال. أقول : ويمكن أن تكون هذه الصحة من السحر مما يتبناه النساء أكثر من الرجال.
إلّا أن هذا الجواب يصلح «أطروحة» وإن كانت إجماعية بين المفسرين. إلّا أنه يمكن تقديم أطروحات أخرى. لأن الله تعالى استعمل معنى قابلا للانطباق على حصص متعددة ولم يذكر العقد ما هي ولا أن النافث من هو ، ولا أن العقد شر ، بل قد يكون النفث خيرا ، لكنه لا يخلو من شر ، كما سيأتي.
ومن هنا يمكن أن نعرض عدة أطروحات في معنى العقد والنفث منها :
الأطروحة الأولى : العقد هي ملكات السوء التي في الإنسان ، باعتبار أن الملكة هي الصفة الراسخة غير القابلة للانفكاك. فتشبه العقدة.
والنفث فيها ، هو التسبب إلى بقائها وزيادتها. كالنفخ في النار لأجل زيادتها.
الأطروحة الثانية : أن تكون العقد ملكات الخير للإنسان والنفث فيها ، هو
__________________
(١) إرشاد القلوب للديلمي ص ١٢٤.
(٢) ج ٢ ص ٣٢٣.