لها شر ، وليس كل غاسق ـ وهو الليل ـ له شر ـ وكذا ليس كل حاسد له شر. بل رب حسد محمود. وهو الحسد في الخيرات. أقول : فيراد بالنكرة وهما : غاسق وحاسد. ذلك الفرد منهما القليل المتصف بالشر.
الثاني : إننا هل نريد اشتراك الجميع في التعريف أو اشتراكها في التنكير وكلاهما باطل ، لأنهما معا مغيّران للسياق والذوق القرآني.
أما تنكير المعرّف وهو النفاثات : فهو باطل بأن نقول : ومن شر نفاثات ما في العقد. وهو لا يعطي العموم المطلوب. لأن القضية المهملة بمنزلة الجزئية. وعند ما تكون القضية جزئية ، يعني أعوذ من بعض النفاثات ، لا من الجميع!!
وأما أن نقول : نفاثات العقد ، فهو يوحي ، مضافا إلى الإشكال السابق ، بإضافة المفعول إلى اسم الفاعل وأن العقد هي النافثة ، في حين أنها هي المنفوث فيها.
وأما احتمال تعريف المنكّر وهو الغاسق والحاسد ، كما لو قلنا : ومن شر الغاسق إذا وقب ومن شر الحاسد إذا حسد.
فهذا كله ليس بصحيح ، لأن «الألف واللام» لهما معنيان : إما جنسية وإما عهدية : ونحن لا نريد كليهما.
فالجنسية غير مرادة ، لأنني لا أستعيذ من الحاسد بل من شره أي ذلك الحاسد الذي يترتب عليه الشر ، وليس من كل حاسد. وهذا لا يكون بحسب السياق البلاغي إلّا عن طريق التنكير.
والعهدية أيضا غير مرادة ، لأن المعنى يكون : الحاسد المعيّن. أي فلان ابن فلان. في حين المراد الاستعاذة من أي حاسد.
هذا بالنسبة إلى تعريف (حاسد). ونفس الشيء ينطبق على تعريف (غاسق) ، ونوكله إلى فطنة القارئ اللّبيب.
سؤال : لما ذا قال : إذا حسد. فإن مادة الحسد مأخوذة من لفظ الحاسد.