علوم القرآن كما سبق. وليس على ثلثها.
التفسير الثالث : إن علوم القرآن فيما نفهمه ، تنقسم إلى ثلاثة أقسام : عقائد وتشريع وتاريخ. والباقي كله يندرج ضمن هذه الثلاثة. أو قل : إن علوم القرآن هي أصول الدين وفروع الدين وأخبار. ويراد بالأخبار ما يشمل أخبار الماضي والحاضر والمستقبل ، وكله من قبيل التاريخ بالمعنى العام ، وهو بهذا المعنى يشمل أخبار الدنيا والآخرة.
إذن ، فالسورة المباركة تتعرض إلى واحد من هذه العناوين الثلاثة : وهو التوحيد. ومن هنا صدق كونها ثلث القرآن.
فإن قلت : إن أصول الدين خمسة ، والتوحيد أصل واحد منها ، فلا يكون التعرض إلى التوحيد تعرضا لأصول الدين كلها ليكون ثلث القرآن؟
قلت : ما دل على التوحيد دل على كل العقائد ، فإن الأصول الأربعة الأخرى مندرجة فيه ، لأن التوحيد أساسها. والله هو الذي أرادها وشرّعها وأوجدها. وقد ورد عن الإمام الكاظم عليهالسلام (١) : اللهم إني أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد ، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك وهو الكفر ، فاغفر لي ما بينهما.
سؤال : لما ذا بدأت السورة بفعل الأمر : قل؟
جوابه : المراد من السورة ليس هو الإخبار بأن (الله أحد) وإنما المراد الأمر بالإقرار بذلك ، لكي يتبع الفرد الهدى ، ويشهد بالتوحيد ، وهو ـ بالطبع ـ يدل ضمنا على صدق ما قاله ، وإلّا كان الأمر به أمرا بالباطل. فهو أمر وإخبار في نفس الوقت.
وقلنا في كتابنا (٢) فقه الأخلاق : إن امتثال هذا الأمر يكون بأحد أسلوبين :
__________________
(١) عن البلد الأمين مفاتيح الجنان ص ١١٤ ...
(٢) فقه الأخلاق. ج ١ ص ٢٠٢.