الصورة الثالثة : أن يكون معناه كونه دالا على الذات وإعرابه كونه ضمير فصل. فهو غير محتمل ، لوجود التنافي بين هذين الاحتمالين. مضافا إلى لزوم كون الدال على الذات متكررا في الآية ، وهو الضمير ولفظ الجلالة.
الصورة الرابعة : أن يكون معناه دالا على الذات ، وإعرابه أنه مبتدأ. وهو المتعين : على معنى أن الذات تتصف بهاتين الصفتين أو الاسمين.
إن قلت : إن اسم الجلالة دالّ على الذات ، والضمير دالّ على الذات أيضا ، فكيف يستقيم ذلك؟
والظاهر أن هذا هو السبب الذي حدا بصاحب الميزان (قدسسره) إلى اعتباره ضمير شأن ، لكي لا يكون الدال على الذات مكررا.
قلت : أولا : إن لفظ الجلالة من الأسماء الحسنى. فإن توخينا مطلق الدلالة على الذات ، كانت كل الأسماء الحسنى دالة عليها. كـ (١) : (الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ). وإن توخينا لخص من ذلك ، كالعلمية لذاته سبحانه ، كما في لفظ الجلالة ، فهذا لا يخرجه عن كونه من الأسماء الحسنى.
ولذا لم يقل الفلاسفة إنه عين ذاته ، كما قالوا : في العالم والرحمن ، إنه عين ذاته ، بل قالوا إنه علم خارج عن الذات ، فكونه علما لا يخرجه عن كونه أحد الأسماء الحسنى. أو قل هو أهم الأسماء الحسنى.
إذن ، يكون المقصود أن الذات يصدق عليها هذان الاسمان : الله والأحد.
ثانيا : إن دلالة (هو) على الذات أعمق من دلالة لفظ الجلالة عليه. لبساطة الضمير وإحاطته ، فيكون من هذه الناحية شبيها ببساطة الذات وإحاطتها. بخلاف لفظ الجلالة ، فإنه لا يخلو من تعقيد بالتشديد وتكرار اللامات.
__________________
(١) الحشر / ٢٣.