أعظم من المسمّى. فكل الخلق أذلاء تجاه عظمته. ومدحهم ليس مقترنا بأسمائهم بل بمدى عطائهم واستحقاقهم.
ومن الواضح أنه ليس في الآية الكريمة أي إشعار إلى أنه أكثر احتراما من الأنبياء ، سلام الله عليهم أجمعين.
مضافا إلى إمكان الطعن بالكبرى التي أخذتها المصادر مسلمة ، كما سبق. وهي أن ذكر الكنية تعني الاحترام دائما. فقد لا يكون الأمر كذلك دائما ، إذ إن هذا مسلك عرفي حاصل بعد عصر الإسلام ، ولم يكن له وجود في عصر نزول القرآن مهما كان الآن في أذهاننا واضحا.
سؤال : ما الوجه في تخصيص البدء بالتّب ، وهو الهلاك والخسران. وقد عزلها من السياق عن ذاته ، ولم يقل : وجهه أو رقبته أو أخلاقه ونحو ذلك.
جوابه : لأكثر من وجه :
الأمر الأول : ما ذكره صاحب الميزان (١) من أن : يد الإنسان هي عضوه الذي يتوصل به إلى تحصيل مقاصده وينسب إليه جلّ أعماله. وتباب يديه فسادهما فيما يكتسبانه من عمل.
أقول : إن يديه كانتا فعلا تؤذيان النبي صلىاللهعليهوآله فخصّصتا بالذكر ، باعتبارهما العضوان الرئيسيان اللذان صدرت منهما المظالم والاعتداءات.
ولكن لو اقتصرنا على ما ذكره الميزان ، كان معناه أن اليدين هما سبب الذنوب كلها ، وليستا كذلك. فإن العين والبطن وغيرهما سبب للذنوب أيضا ، نعم ، ذكرت اليدان ، لأهميتهما في مورد التنزيل.
الأمر الثاني : إنه ذكر الجزء وأراد به الكل. كما عبر عن الإنسان بالرقبة في قوله (٢) : (فَكُّ رَقَبَةٍ). فيكون معنى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) أنه تبّ كله.
__________________
(١) ج ٢٠ ص ٣٨٤.
(٢) البلد / ١٣.