فيكون من سنخ القضيّة الطبيعيّة كقولك : الإنسان نوع من الحيوان ، فكما أنّ المحمول ثابت فيها للطبيعي بما هو طبيعي ، فكذلك الوضع يكون هنا عامّا لذات ولطبيعي المعنى العامّ الجامع لجميع الأفراد من ذلك الطبيعي.
الجهة الثانية : ليس الأمر فيها كالجهة الاولى ، بل الواضع إنّما يتصوّر المعنى بنحو الإجمال بعنوان المشير إلى المصاديق والأفراد ، فيكون هذا القسم من قبيل الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ ، فالواضع في هذا القسم إنّما تصوّر حين أراد الوضع معنى خاصّا بما هو جزئي حقيقي ، فيعيّن اللفظ بإزاء ذلك المعنى الخاصّ ، نظير وضع الأعلام الشخصية ، بلا فرق بين ما كان تصوّر المعنى بالأصل والكنه ، أم بالوجه وعنوان المشير ، إذ تصويره في الجملة بعنوان المشير إلى أنّ هذا الشيء كاف بالنسبة إلى وضع اللفظ بإزائه من دون الاحتياج إلى تصويره بكنهه وذاته وحقيقته ، فقضيّة الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ تكون مرجعها إلى القضيّة الشخصيّة التي يكون ثبوت الحكم فيها للأفراد والمصاديق من الأشخاص المعيّنين يعيّن لكلّ واحد منهم اسما مخصوصا.
وبالجملة ، إنّ العنوان تارة يكون بذاته ونفسه ملحوظا عند الوضع من دون أيّ لحاظ بالنسبة إلى المعنون ولو بعنوان المشيرية ، فيكون لحاظ العنوان لمجرّد خطور المعنى والطبيعة بما هي طبيعة.
واخرى يكون العنوان ملحوظا ، ولكن لا في حدّ ذاته ، بل عنوان الانطباق على المعنون والأفراد والمصاديق الملحوظة عند الواضع ، فالواضع إنّما أدخل الأفراد والمصاديق بأخذ هذا اللحاظ في الوضع ولو بلحاظ الإجمالي ، ثمّ عيّن اللفظ دالّا عليها أو عليه ، فمثل عنوان المشير يتشخّص في مثل ما إذا قال الواضع : إنّ أوّل من يتولّد من صلبي إن كان ذكرا فقد سمّيته أحمد.
بعبارة اخرى : إنّ الواضع حين الوضع والتعيين إمّا أن يتصوّر معنى عاما ويعيّن