العامّ ـ غير معقول ، بتقريب أنّ كلّ مفهوم جزئيا كان أو كلّيا لا حكاية له إلّا عن نفسه ، فيستحيل أن يكون له حكاية عن مفهوم آخر. ومن الضروري عدم تعقّل حكاية مفهوم العامّ بما هو عامّ عن مفهوم خاصّ بما هو خاصّ ، إذ من البديهي أنّ لحاظ وتصوّر كلّ مفهوم ليس إلّا عين إراءة شخصيّته لا إراءة شيء آخر به ، فعلى هذا كيف يعقل أن يكون معرّفا لغيره بوجه من الوجوه ؟ فصارت النتيجة عدم إمكان تصوّر الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ كالوضع الخاصّ والموضوع له العامّ.
والجواب عنه يتلخّص بأنّ كلّ مفهوم بما هو هو كان عامّا أو خاصّا في مقام الحكاية واللحاظ ، وأنّه لا حكاية له إلّا عن نفسه ، ولكن تصوّر بعض المفاهيم الكلّية ملازم لتصوّر أفراده ومصاديقه بوجه الإجمال.
بيان ذلك : أنّ المعاني الكلّية المتأصّلة كالجوهر والعرض ، كالحيوان والإنسان والبياض والسواد وأمثالها ، وإن لم تكن لها حكاية عند اللحاظ والتصوّر إلّا عن طبيعتها في أنفسها التي تكون هي المبرّرات والجهة الجامعة بين المصاديق والأفراد ، كبعض المفاهيم الانتزاعية مثل الوجوب والإمكان والامتناع والأبيض والأسود وأمثالها ، بل حكايتها مختصّة بأنفسها. وأنّ اختصاص هذه الحكاية بنفسها وإن كان من الواضحات والبديهيات ، إلّا أنّ العناوين الكلّية المنتزعة من الأفراد والخصوصيّات الخارجيّة كمفهوم الشخص والفرد والمصداق فلها حكاية في مقام اللحاظ عن الأفراد والمصاديق بوجه من الملازمة ولو على نحو الإجمال ، فهذا المقدار من الحكاية يكفي لصحّة الوضع في المقام ، لأنّها بهذا المقدار يكفي أن تكون وجها لها ، فيكون تصوّرها في أنفسها تصوّرا لها بوجه وعنوان وإن كان بنحو الإجمال يكفي في إثبات الإمكان.