لفظ زيد الموضوع لخصوص زيد عند سماعه كلّي الإنسان الذي يكون زيد مصداقا من مصاديقه فيضع اللفظ للكلّي دون الخاصّ ، فهذا لا مانع من الالتزام به. ولكن أين هذا من الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ.
وبالجملة ، إنّ عدم إمكان ذلك يكون من الظهور كالشمس في رابعة النهار ؛ إذ كيف يتصوّر أن يكون المفهوم بما هو حاك عن الخاصّ بما هو خاصّ ، وفي هذا الحال يكون حاكيا عن عامّ آخر في عرض حكاية الأوّل ؟ إذ من البديهي أنّ تصوّر مفهوم الخاصّ بما هو تصوّر ذاته ونفسه ومرآة شخصه ، فيمتنع أن يكون مبرزا لغيره بوجه من الوجوه ؛ إذ لا ينبغي التأمّل في أنّ لحاظ كلّ مفهوم مختصّ بنفسه في حدّ ذاته لا هو وغيره.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه في المقام أنّ الخاصّ بما هو في حدّ ذاته غير ممكن أن يكون وجها وعنوانا للعامّ حتّى يصحّ أن يقال : إنّ تصوّره يكون تصوّرا له بوجه ، بخلاف مفهوم العامّ نظير مفهوم الشخص والفرد والمصداق ، كما أشرنا إليه في تصوّر كيفيّة إمكان وضع العامّ والموضوع له الخاصّ ، فإنّه يمكن أن يكون لحاظه لحاظا للأفراد بوجه. ولأجل ذلك أبطلنا توهّم استحالة تصوير الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ ، بل التزمنا هناك بإمكانه في مرحلة الثبوت.
وأمّا الخاصّ بما أنّه لا وجه له من هذه الجهة فلا يمكن الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ ، وقد تقدّمت الإشارة إلى التوهّم بإمكان ذلك في ما تقدّم مع توضيح منّا فيما إذا رأى شبحا من مكان بعيد وجزم بكونه حيوانا من دون الالتفات إلى أنّه يكون من أيّ نوع وصنف منه ، إذ له عند ذلك أن يتصوّر ذلك الشبح الذي هو مصداق من المصاديق الجزئية الحقيقية ويعيّن اللفظ بعنوان الوضع بإزاء معنى كلّي ينطبق عليه وعلى غيره من الأفراد والمصاديق ، فيكون هذا مرادنا من إمكان تصوير وضع الخاصّ والموضوع له العامّ.