نفسها للحضور في ذهن المخاطب والسامع في مرحلة التخاطب ، فالألفاظ كما لم توضع للموجودات الذهنية ، فإنّ الموجودات الذهنيّة غير قابلة لوجودات ذهنيّة اخرى ، بل إنّها ـ أي الألفاظ ـ موضوعة لذوات الطبيعة والمعاني التي هي غير آبية عن هذين النحوين من الوجود في أنفسها. ولا يخفى عليك أنّ تلك المعاني تتّصف بالسعة وبالضيق لا بنفسها ، بل باعتبار الانطباق والصدق الخارجي ، ولأجل هذا اللحاظ ينقسم الموضوع له إلى العامّ مرّة وإلى الخاصّ تارة اخرى ، أعني بلحاظ الانطباق على ما في الخارج لا في نفسه.
هذا تمام الكلام في الأوّل ، فقد عرفت صحّة تصويرها بالنسبة إلى الأقسام الثلاثة في مقام الثبوت دون القسم الرابع ، فإنّه أمر غير معقول بالنسبة إلى عالم الثبوت فضلا عن الإثبات.
المقام الثاني :
وقد بقي الكلام في المقام الثاني من الوضع باعتبار اللفظ.
فلا يخفى عليك أنّ الواضع تارة يتصوّر اللفظ في حدّ ذاته بمادّته وهيئته المختصّة به ثمّ يجعله اسما لشيء من الأشياء المكوّنة في الخارج ، وذلك كأسماء الجوامد مثل : لفظ الحجر والأرض والماء والحديد ، بل كلّ الألفاظ من الملبوسات والمأكولات والمشروبات ؛ إذ لا شكّ أنّ الواضع يلاحظ مادّة «ألف وراء وضاد» ويركّبها على هيئة الأرض بفتح الأوّل وسكون الوسط ، فيضعها لهذه الكرة الموجودة في مقابل السماء ، إذ الواضع حين الوضع إنّما لاحظ المادّة والهيئة معا فوضعها كما أراد اسما للأرض ، بل الأمر يكون على ذلك المنوال بالنسبة إلى تمام أسماء الأجناس والأشخاص من دون شكّ والتباس.
واخرى ليس الأمر كذلك ، بل إنّما يلاحظ المادّة فقط ، وذلك نظير وضع