الاستعمال ، وهي عبارة عن أنّ الاستعمال هنا استعمال في المعنى الموضوع له ، لفرض اتّحادهما واشتراكهما في أصل طبيعي المعنى الواحد فيهما ذاتا ، بخلاف ذاك الاستعمال ، فإنّه استعمال مجازي في غير ما وضع له بلحاظ جهة شباهة من المناسبات والعنايات الخارجيّة.
فلا يذهب عليك أنّه إذا صحّ ذلك الاستعمال مع هذه المناسبة الاعتبارية الضعيفة ، فكيف يمكن أن لا يكون صحيحا بالاتكاء على ذلك الدليل المعتمد الأصيل ، مع أنّه ليس بصحيح ، بل هو من الأغلاط الواضحة في المحاورة ؟
فانقدح ـ بما ذكرناه في المقام إلى حدّ الآن بأوضح وجه من البيان ـ عدم اتّحاد الحرف والاسم بوجه من الوجوه من حيث المعنى ، على أنّهما على حدّ من التباين مع أنّه لا اشتراك لهما في طبيعي معنى واحد ، فلا يجوز استعمال أحدهما في مكان الآخر حتّى على نحو المجاز. وذلك دليل على أنّهما من المتباينين من حيث الحقيقة والذات بحيث لا يصحّ اجتماعهما في الاستعمال حتّى على نحو العناية والمجاز.
وأمّا الإيراد على النقطة الثانية ، فلا يخفى عليك أنّ الآليّة والاستقلالية التي ذكروهما في المعنى الحرفي والاسمي أصلهما مأخوذ من مير سيّد شريف ، فهو شيّد أركانهما بالتنظير والتمثيل بالمرآة حيث قال :
إنّ الإنسان ربّما ينظر في المرآة بالاستقلال بعنوان الخبرويّة ودرك عنصرها ولأجل تشخيص أبعادها من العرض والطول والقطر وما لها من الصفاء والجودة من حيث القارورة ، واخرى ينظر فيها من حيث الآليّة والطريقيّة لأجل أن يرى صورته بالانعكاس فيها ، فيكون النظر الثاني فيها بعنوان أنّها تكون وجها لإراءة الغير على نحو يكون ذلك هو الملاك التامّ للنظر إليها بحيث لو لا ذلك لما ينظر فيها.