بيان ذلك : يتّضح ذلك في مثل ما إذا كان عنصر الموضوع والمحمول معلومين عند المخاطب ، ولكنّه كان جاهلا بما لهما من الخصوصيّة ، وكان مورد السؤال تلك الخصوصية ، وأجاب الناطق عن تلك الخصوصية على طبق السؤال. فلا يخفى عليك أنّ السائل والناطق المجيب إنّما ينظران إلى هذه الخصوصيّة نظرة استقلالية.
وذلك مثل ما إذا كان أصل مجيء زيد مشخّصا معلوما ، ولكن كانت كيفيّة مجيئه غير معلومة ، بمعنى أنّه جاء منفردا أو لا بل مع غيره ، فتكون هذه الخصوصيّة موردا للاستفهام والسؤال ، فأجاب الناطق بأنّه جاء مع بكر. والغرض المنظور بالاستقلال والمقصد الأساسي كذلك عند الإفادة والاستفادة في مقام التخاطب في أمثال تلك الموارد ليس إلّا هذه الخصوصيّة فقط التي تكون من المعاني الحرفيّة من دون أيّ ربط بالمفهوم الاسمي ، فإنّه معلول بلا شكّ وريب.
وهذا الذي أشرنا إليه في المقام تعمّ به البلوى في غالب المحاورات عند الإفادة والاستفادة ؛ إذ النظر الاستقلالي والمقصد الأساسي من الإفهام والتفهّم في أمثال تلك الموارد مجلوب إلى هذه الخصوصيّات المتعلّقة بالمفاهيم الاسمية.
القول الثاني : في المعنى الحرفي ، وقد ذهب بعض إلى إنكار المعنى الحرفي من أصله (١) ، بمعنى أنّ الحروف لم توضع لمعنى ، بل إنّما وضعت لإراءة الخصوصيّة ؛ لتكون علامة لبيان كيفية إرادة مدخولاتها كحركات النصب والرفع
__________________
(١) قال في فوائد الاصول (١ : ٤٧) : حكي نسبة ذلك القول إلى الشيخ الرضي.