في مقام التخاطب.
بل لو كان لنا طريق أحسن وأسهل في طريق التوسّل لإحضارها إلى الأذهان لكنّا مستغنين عن وضع الألفاظ لها ؛ لأنّ علّة الاحتياج إلى وضع الألفاظ ليست إلّا إحضار المعاني في أذهان السامعين في مقام التخاطب والاستعمال عند اقتضاء الحاجة إلى تلك المفاهيم في نظام الحياة الإنسانية.
فانقدح بما ذكرناه في المقام أنّ المعاني الاسمية تكون مستقلّة وأنّها تكون إخطاريّة لها ثبوت وقرار في عالم المفهوم ، بخلاف المعاني الحرفيّة ، إذ ليس لها قرار وثبوت في عالم المفهوم.
وبالجملة ، فقد انتهى كلامنا إلى بيان أحوال الموجودات في عالم العين والخارج ، وقلنا : إنّها تكون على شكلين ، وقد تكلّمنا بالتفصيل في وجود المستقلّ بما لا مزيد عليه ، فكذلك تكون الموجودات في عالم الذهن على نوعين :
منها : ما يكون له وجود مستقلّ في عالم المفهومية والذهن ، وذلك مثل مفاهيم الأسماء بجواهرها وما لها من الأعراض والامور الاعتبارية والانتزاعية ؛ إذ لا ريب في أنّ مثل مفهوم الإنسان والسواد والبياض وأمثالهما من المفاهيم المستقلّة بالذات إنّما تحضر في الأذهان بلا حاجة إلى أيّة معونة ونصرة من الخارجيّات ، بلا فرق في ذلك فيما إذا كانت في ضمن تركيب كلامي أم لم تكن ، بل لو فرض أنّه لم يتحقّق في عالم الوجود مفهوم إلّا مفهوما واحدا من باب المثال لما كان هناك ما يمنع من خطوره في الذهن.
فانقدح أنّ حال المفاهيم الاسميّة في عالم المفهوم والذهن هو حال الجواهر في عالم العين والخارج.
ومنها : ما ليس له استقلال في ذلك العالم ، بل هو ـ كما تقدّم في بحث