إليه مستقلّا ، ومن البديهيّ أنّ اللحاظ والالتفات إلى المعنى لا ينقلب إلى الإخطارية إذا لم يكن مستقلا بحدّ ذاته ، بحيث كلّما يستعمل يتبادر إلى البال في ذهن السامع عند الانفراد وإن لم يكن في ضمن كلام تركيبي.
ولأجل ما بيّنّا لك أنّ المعنى الحرفي مع كونه ملحوظا وملتفتا إليه غير متّصف بالإخطارية لعدم استقلاله في عالم المفهوميّة بخلاف المعنى الاسمي ، لاستقلاله في تلك الجهة ، ولأجل ذلك تكون له إخطاريّة محضة.
وقد بقي الكلام في ما ذكره قدسسره خامسا من أنّ كل ما كان النظر إليه آليا دون الاستقلالي فهو يشبه الحروف ، ففيه :
أوّلا : ما ذكرناه آنفا من أنّ النظر إلى المعنى الحرفي إنّما يكون كالنظر إلى المعنى الاسمي من الاتّصاف بالاستقلالية.
وثانيا : لو سلّمنا ذلك وقلنا : إنّ النظر إليه آليّ لا استقلالي ، إلّا أنّ ذلك لا يكون معيارا لصيرورة المعنى حرفيّا ، كما أنّ اللحاظ عند الاستقلالي لا يكون مدركا لحرفية المعنى ، كما أنّ اللحاظ الاستقلالي لا يكون ملاك الاسميّة ، بل ملاك المعنى الحرفي كما تقدّم إنّما يكون في التبعية الذاتيّة التي تكون بنفسها تعليقية فقط ، وملاك المعنى الاسمي ليس إلّا استقلاليّته الذاتية ، بمعنى أنّه في حدّ ذاته لا يتقوّم بالغير.
وبعبارة أوضح : إنّه على المسلك الصحيح ـ كما سلك هو قدسسره إليه ـ المعنى الحرفي والاسمي متمايزان بالذات والحقيقة ، بل هما لا يدوران في المعنى الحرفي والاسمي بما هما حرفي واسمي مدار اللحاظ الآلي والاستقلالي ، وذلك لبداهة أنّ المعنى حرفيّ وإن لوحظ استقلالا ، واسمي وإن لوحظ آلة ، فبما أنّهما غير متقوّمين بهاتين الجهتين فلا يكون ذلك منشأ لاختلافهما.
هذا تمام الكلام في بيان القول الثالث.