القول الرابع من المعنى الحرفي : وهو قول بعض مشايخنا المحقّقين قدسسره (١) ، وهو عبارة عن أنّ المعاني الحرفية والمفاهيم الأدويّة ليست إلّا كالنسب والروابط الخارجيّة التي لا استقلال لها في حدّ ذاتها ، بل هي عبارة عن عين الربط ، لا أنّها ذات ثبت لها الربط. وقد أفاد هو قدسسره في وجه ذلك أنّ المعنى الحرفي يباين المعنى الاسمي ، بمعنى أنّ المعاني الاسميّة مستقلّة في وعاء المفهوم ، بخلاف المعاني الحرفيّة ؛ فإنّها لا استقلال لها بل هي قائمة بالغير. وقد بيّن في تقريب مراده كيفيّة أقسام المعاني من الجواهر والأعراض مع التعرّض لتوضيح معنى الواجب والممكن في سبيل تفسير ما اختاره في المقام من المعاني الحرفيّة.
وحاصل ما ذكره في تقريب ما يريده من اختياره من المعاني الحرفيّة في مقابل المعاني الاسميّة عبارة عن بيان كيفيّة شكل جهة أقسام الموجودات بأنّه كما تختلف الموجودات الخارجية من الواجب والممكن والجوهر والعرض من حيث العلّة في الوجود ، ومن حيث الاستقلال وغير الاستقلال في عالم العين والوجود ، كذلك يكون الأمر بالنسبة إلى كيفية المفاهيم الاسمية والحرفية من حيث الاستقلال في الأوّل وعدمه في الثاني.
توضيح ذلك : أنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ الجوهر إذا وجد في الخارج يوجد في نفسه لا في الموضوع ، بخلاف وجود العرض فإنّه لا يمكن أن يتحقّق إلّا في موضوعه ، بل وجود العرض وتحقّقه لا في الموضوع في عالم الخارج يكون من المحالات المسلّمة ؛ إذ وجود العرض في الخارج تابع لوجود المتبوع
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٢٣.