الوجود من سنخ أضعف مراتب الوجودات المتقدّم ذكرها.
وقد انقدح من جميع ما ذكرناه في المقام أنّ تنظير المعنى الحرفي والاسمي بالجوهر والعرض ليس بواقع في محلّه ، لأنّ العرض إنّما يكون موجودا في نفسه لغيره.
فيكون حاصل الاستدلال إثبات الوجود لا في نفسه بل في غيره ، بتقريب أنّ الشخص تارة يكون عالما بوجود زيد والبياض في العين والخارج ، ولكن يشكّ في أنّه متّصف بالبياض أو أنّه متلبّس بالسواد والأبيض يكون هو (عمرو) دون (زيد) ، فهنا يكون سنخان من القضيّتين : الاولى القضية المتيقّنة ، وهي عبارة عن تحقّق العلم بوجود (زيد) و (البياض) في الخارج ، والثانية القضية المشكوكة التي هي عبارة عن الترديد بأنّ الأبيض يكون هو (زيد) أو لا ؟ بل (زيد) أسود من حيث الوجه ، والأبيض يمكن أن يكون هو (عمرو).
فإذا عرفت ذلك فلا يخفى عليك بالضرورة من الوجدان أنّ القضية المتيقّنة بالقطع واليقين تغاير القضية المشكوكة ، فإذا صدّقت أنّ القضيّة المشكوكة مغايرة للقضية المتيقّنة فلا مناص لك من الالتزام بأنّ هنا يكون وجودا رابعا لا في نفسه ، بل إنّه يكون في غيره ، هذا الذي ذكرناه في المقام إنّما يكون بالنسبة إلى إثبات الوجود لا في نفسه في مقام الإثبات.
وأمّا البرهان على الالتزام بذلك الوجود وأنّه إنّما يكون لا بدّ من القبول من جهة أنّ المنكر إذا قال باحتياج هذا السنخ من الوجود أيضا إلى رابط فنحن نقول : إنّ وجود الثالث أيضا يحتاج إلى الرابط ، وهكذا الرابع والخامس والسادس إلى ما لا نهاية له ، فلا جرم لا مناص له إلّا الالتزام بوجود سنخ من الوجود لا في نفسه.
هذا غاية ما يمكننا تقريره في مقام التوضيح لكلامه قدسسره في المعنى الحرفي.