نفسه». والحال أنّ هناك لا يتصوّر الصفة والموصوف أو العرض والمعروض ؛ إذ من البديهي أنّ صفاته تعالى إنّما تكون عين ذاته ، وأنّه يكون واحدا أحدا صمدا من جميع الجهات ، مع أنّه لا ينبغي الشكّ في صحّة الاستعمال في جميع تلك الموارد بالضرورة من الوجدان ، بل ذلك واقع في آيات عديدة من القرآن.
بل الاستعمال صحيح حتّى في الموارد المستحيلة ، وذلك نظير قولك : إنّ اجتماع النقيضين من المستحيلات ؛ إذ لا شكّ أنّ كلمة (من) إنّما استعملت في المستحيل مع أنّه يكون غير ممكن الوقوع في الخارج فضلا من أن تلاحظ النسبة الموجودة فيها. فإذن لا مناص له إلّا الالتزام بعدم صحّة هذا المبنى وبطلانه.
والحاصل : فقد انتهى كلامنا إلى الجواب عمّا أفاد شيخنا المحقّق من الاستدلال لما ذهب إليه من المعنى الحرفي ، ويتلخّص مراده في جهتين :
الاولى : تثبيت الوجود للنسبة والربط في عالم الخارج في قبال وجود الجوهر والعرض.
والثانية : أنّ هذا السنخ من الوجود لا بدّ من أن يكون من المعاني الحرفيّة فقط ، وليس إلّا.
وفيهما من الاستدلال والجواب ـ كما وقفت عليه بالتفصيل في الأوّل ـ أنّ النسبة والربط لا وجود لهما في الخارج في قبال وجود الجوهر أو العرض وإن كان وجودهما مورد إصرار جماعة من الفلاسفة ، والعلّة في ذلك هو أنّه لا دليل على ذلك سوى البرهان المذكور وهو غير تامّ ، وذلك لأنّ صفتي اليقين والشكّ وإن كانتا صفتين متضادّتين فلا يكاد يمكن أن تتعلّقا بشيء في آن واحد من جهة واحدة ، إلّا أنّ تحقّقهما في الذهن لا يكشف عن تعدّد متعلّقهما في الخارج ، فإنّ الطبيعي عين فرده ومتّحد معه خارجا ، ومع ذلك يمكن أن يكون أحدهما متعلّقا