لصفة اليقين والآخر متعلّقا لصفة الشكّ.
كما إذا علم إجمالا بوجود إنسان في الدار ولكن شكّ في أنّه زيد أو عمرو ، فلا يكشف تضادّهما عن تعدّد متعلّقيهما بحسب الوجود الخارجي ، فإنّهما موجودان بوجود حقيقة ، وذلك الوجود من جهة انتسابه إلى الطبيعي متعلّق لليقين ، ومن جهة انتسابه إلى الفرد متعلّق للشكّ. أو إذا أثبتنا أنّ للعالم مبدأ ، ولكن شككنا في أنّه واجب ، أو شككنا في أنّه مريد أو لا ، إلى غير ذلك ، مع أنّ صفاته تعالى عين ذاته خارجا وعينا ، كما أنّ وجوبه كذلك. وما نحن فيه إنّما يكون من هذا القبيل ، فإنّ اليقين متعلّق بثبوت طبيعي العرض للجوهر ، والشكّ متعلّق بثبوت حصّة خاصّة منه له ، فليس هنا وجودان أحدهما متعلّق لليقين والآخر للشكّ ، بل وجود واحد حقيقة مشكوك فيه من جهة ، ومتيقّن من ناحية اخرى.
وانقدح أنّ تضادّ صفتي اليقين والشكّ لا يستدعي إلّا تعدّد متعلّقهما في موطن النفس ، وأمّا في الخارج عنه فقد يكون متعدّدا وقد يكون متّحدا. وإن شئت فقل : إنّ الممكن في الخارج إمّا جوهر أو عرض ، وكلّ منهما زوج تركيبي ، يعني مركّب من ماهيّة ووجود ، ولا ثالث لهما. والمفروض أنّ الوجود الرابط سنخ وجود لا ماهيّة له ، فلا يكون من أقسام الجوهر ولا من أقسام العرض ، والمفروض أنّه ليس في الخارج موجود آخر لا يكون من أقسام الجوهر ولا العرض.
وأمّا الثاني فلا يخفى عليك أنّه على تقدير تسليم أنّ النسبة والرابط وجودا في الخارج في مقابل الجوهر والعرض فلا نصدّق أنّ الحروف والأدوات موضوعة لها ؛ إذ قد بيّنّا في ما تقدّم بالتفصيل أنّ الألفاظ موضوعة لذوات المفاهيم والماهيات لا للموجودات الخارجية ولا الذهنية ؛ إذ الاولى غير قابلة