فعلى هذا لا ينبغي لأحد الترديد في بطلان هذا القول ؛ إذ من البديهي لمن يطّلع على استعمالات الحروف في المحاورة صحّة استعمالها في الواجب والممكن والممتنع في سياق واحد على نحو الحقيقة ، بلا لحاظ عناية من العلاقات والقرائن في جميع تلك الموارد.
فبذلك الاستعمال نستكشف على وجه القطع واليقين أنّ الموضوع لها ليس إلّا المعنى الجامع المحقّق بعنوان الحقيقة دون المجاز في تمام تلك الموارد بجميعها ، لا خصوص الأعراض النسبيّة الإضافية الإحرازية الاتصافية.
ومنها : ما قد تقدّم ، وهو العمدة في الجواب وتظهر به أظهريّة بطلانه من القول السابق ، وذلك الجواب عبارة عن أنّ لكلّ من الأعراض التسعة بأجمعها مفاهيم مستقلّة في حدّ ذاتها بأنفسها في ظرف مفهوميّتها ، من دون أيّ فرق بين الأعراض النسبية وغيرها إلّا من جهة أنّ الأعراض النسبيّة تتقوّم في وجودها بأمرين ، وغير النسبية لا تتقوّم إلّا بموضوعها ، وذلك من ناحية أنّ الأعراض بتمامها موجودات في حدّ أنفسها ، وإن لم يمكن تحقّق وجودها بلا تحقّق موضوعاتها.
فتحصّل من جميع ما ذكرناه أنّ الحروف والأدوات لم توضع للأعراض النسبية الإضافية ، بل لها صيغ خاصّة وهي في اللغة موضوعة لها ، وهي عبارة عن الأسماء الموجودة في اللسان والمحاورة ، مثل كلمة الظرفية وأمثالها من الاستعلائية والابتدائية. هذا تمام الكلام بالإضافة إلى تحقيق معاني الحروف.
وأمّا ما ذكره قدسسره بالإضافة إلى مدلول ومعاني الهيئات من أنّها موضوعة لأنحاء النسب والروابط ، فمردود بعين ما أوردناه على القول السابق ، وذلك من جهة عدم وجدان الدليل على وجود النسبة في الخارج في قبال وجود مفهوم الجوهر والعرض أوّلا وبالذات. وثانيا لو سلّمنا وجودها في مقابل مفهوم