الجوهر والعرض لا نصدّق وضع الألفاظ لها. وثالثا عدم وجودها وثبوتها في جميع الموارد من الاستعمال ، كما مثّلنا بالواجب والمستحيل وشريك الباري ، بالتفصيل المتقدّم.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ النتيجة الحاصلة لحدّ الآن عدم وجدان البرهان القاطع على صحّة تلك الأقوال المتقدّمة والآراء الماضية ، بل بطلانها هو المختار لوجود الدليل عليه. فإذن لا يمكننا المساعدة عليها بوجه من الوجوه ، فلا جرم لا بدّ لنا من اختيار المسلك الآخر في قبال هذه المسالك والأقوال وعلى الله الاتكال ، وهو الهادي العليم الحكيم في جميع الأحوال.
فنقول ـ كما تقدّم مفصّلا بما لا مزيد عليه في التكرار ـ : إنّ المعنى الحرفي الذي يكون من المرتكزات في الأذهان لكلّ واحد من أهل المحاورة واللسان في جميع لغات البلدان في أقطار العالم من العرب والإيرانيين معلوم بالإجمال بالضرورة من الوجدان ، ولأجل ذلك تستعمل تلك الحروف في تلك المفاهيم إذا اقتضت الحاجة إلى بيانها وتفهيمها في مقام التخاطب بالقطع واليقين ، فهذا المعنى الإجمالي يكون من المرتكزات المسلّمة من دون أن يكون محتاجا إلى البحث والبيان وإقامة البرهان.
إلّا أنّ السبب الباعث لنا إلى البحث عنها في علم الاصول عبارة عن الاطلاع عليها بالعلم التفصيلي ، فلا يخفى عليك أنّ المعنى الحرفي ـ كما تقدّم تفصيله ـ إنّما يباين المعنى الاسمي في ذاته وحقيقته من حيث المفهوم بينونة ذاتية على حدّ التضادّ من حيث المفهوم ، بحيث لا وجه اشتراك بينهما في أصل طبيعي من المفهوم والمعنى الواحد.
وقد تقدّم بيان ذلك التباين بأنّ المعنى الاسمي إنّما يكون من المفاهيم الإخطارية المستقلّة ، بخلاف المعنى الحرفي ، فإنّه يكون من سنخ المفاهيم