أو ما يقوم مقامها وليس إلّا. إذ قد تقدّم أنّ كلمة الدور موضوعة لمعنى جامع شامل وسيع ودالّة عليه ، ولكن قد يتعلّق الغرض بتفهيم حصّة خاصّة منه وهي خصوص الحصّة المستحيلة مثلا ، فلا بدّ من أخذ حرف في الكلام ليدلّ على ذلك ؛ إذ المفروض أنّ غير الحرف وما يشابهه لا يدلّ على تلك الخصوصية بوجه من الوجوه.
وملخّص الكلام أنّ وضع الحروف لذلك المعنى إنّما يكون من فوائد ونتائج وثمرات مسلكنا المختار في مسألة وضع الحروف في باب الوضع ، إذ القول بالتعهّد لا ينفكّ عن وضعها لذلك ، لأنّك عرفت أنّ الغرض قد يتعلّق بتفهيم المطلق والطبيعي ، واخرى يتعلّق بتفهيم الحصّة الخاصّة المضيّقة ، والمفروض أنّ الدالّ على ذلك إلى حدّ الآن لم يوجد في تمام المحاورات إلّا الحروف وملحقاتها ، فلا جرم لا مناص للواضع إلّا ذكرها أو ذكر ملحقاتها عند التخاطب في مقام التفهيم والتفهّم إذا اقتضت الحاجة تفهيم الحصّة الخاصّة المضيّقة من الطبيعة.
فإذا أراد المتكلّم إفهام وتفهيم حصّة خاصّة من طبيعي الماء مثلا ـ كالماء الجاري أو الكرّ أو ما له المادّة كالبئر ـ فإنّه يبيّنه ويظهره ويبرزه بقوله : إنّي اريد الماء الذي له مادّة عاصمة لا ينفعل بالملاقاة بالنجس ، أو الماء الجاري كذلك ، فكلمة (اللام) في الأوّل وهيئة الإضافة في الثاني تدلّان على أنّ المراد من الماء المأخوذ في الكلام ليس هو الطبيعة المطلقة الشاملة لجميع أفراد الماء ، بل المراد مضيّق في خصوص حصّة خاصّة وهي عبارة عن حصة الماء العاصمة عن الانفعال ، وذلك المقصد الخاصّ إنّما يستفاد من كلمة (اللام) في الأوّل ومن الإضافة في الثاني لا غير.
ومن هنا وقفت على عدم الفرق في ذلك بين أن تكون تلك الحصص المضيّقة