مفهوم الوجود ، وهو أوسع من مفهوم الجوهر ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى مفهوم لا يكون تحته مفهوم آخر ، ولكلّ واحد منها لفظ مخصوص يدلّ عليه عند الحاجة إلى تفهيمه ، إلّا أنّ أفرادها ومصاديقها وخصوصياتها وحصصها أو حالاتها كثيرة غير متناهية لم يوضع في المحاورة واللغة بإزاء كلّ واحدة منها لفظ مخصوص لكي يدلّ عليها عند اقتضاء الحاجة إلى بيانها ، وذلك لعدم تناهيها.
فإذن بالتفحّص والوجدان إنّما ينحصر ذلك في الحروف وما يشاكلها ، وليس غير الحروف شيء يوجب إفادتها ويدلّ عليها في الخارج عند التخاطب والإفادة والاستفادة ، بالتقريب المتقدّم الذي هو عبارة عن أنّ الواضع تعهّد بذكر حرف خاصّ ك (من) و (إلى) و (اللام) و (على) عند قصد إفهام حصّة خاصّة من المعنى. ففي كلّ مورد تقتضي الحاجة ذلك ـ أي بيان خصوصية خاصّة وقصد المتكلّم بيان ذلك ـ يعيّن مبرزه بتلك المناسبة حرفا من الحروف أو حرفين ، ويبلغ مقصوده إلى المخاطب ببركة دلالة ذلك الحرف بحسب اختلاف الموارد ومقتضيات الأحوال في اللغة والمحاورة.
وبالجملة ، فإنّ النتيجة المأخوذة من جميع ما ذكرناه ـ في المقام بالتفصيل المتقدّم في بيان وضع الحروف في المحاورة ـ تتلخّص في امور :
الأمر الأوّل : قد تبيّن الفرق بين الاسم والحرف وعدم وجه اشتراك بينهما في طبيعي مفهوم ومعنى واحد ، بل بينهما تباين من حيث المفهوم ذاتا ، حسبما تقدّم ذكره مفصّلا بما لا مزيد عليه.
الأمر الثاني : قد عرفت عدم كون مدلولها من سنخ الامور الإيجادية ، ولا من قبيل النسبة الخارجية ، ولا من مقولة الأعراض النسبية الإضافية ، بل إنّما هي عبارة عن التخصيصات والتضييقات في توسعة نفس المعاني الاسمية في وعاء المفهومية وتقييداتها وتضييقاتها بمقيّدات خارجة عن حقائقها ، بلا لحاظ تصوّر