ونظر إلى أنّها موجودة في الخارج أو معدومة أو ممكنة أو من الامور الممتنعة ، ولأجل ذلك يصحّ استعمالها في المحاورة في الواجب والممكن والممتنع بعنوان الحقيقة من دون الحاجة إلى رعاية العنايات المجازية.
والحاصل بقي هنا وجه ذهابنا إلى هذا المسلك في وضع الحروف بأنّها وضعت لتضييق سعة نفس المعاني الاسمية ، وهو يتلخّص في أربعة وجوه :
الأوّل : إبطالنا سائر الأقوال والمذاهب المتقدّمة من الأكابر قدسسره.
الثاني : أنّ المفهوم الذي وجدناه للحروف مشترك فيه بين جميع المفاهيم التي تستعمل الحروف فيها بالوجدان ، من الواجب والممكن والممتنع على نهج واحد ، وليس في سائر الأقوال ذلك الاستعداد والصحّة من دون لحاظ العناية المجازية.
الثالث : أنّ مسلكنا الذي اخترناه في الوضع من أنّه عبارة عن التعهّد والالتزام لا ينفكّ عن هذا القول في باب بالبداهة والوجدان ، إذ من الضروري أنّ المتكلّم إذا قصد تفهيم حصّة خاصّة فبأيّ شيء يمكنه أن يلقيها ويبلّغها إلى المخاطب عند اقتضاء الحاجة بيان ذلك في مقام التخاطب والتفهيم عند المحاورة ؟ فعند فقدان الحروف فهل يوجد غير الحروف وما يشاكلها مبرز معتمد ليعتمد عليه في ذلك الميدان ؟ والحقّ بالضرورة من الوجدان أنّه ليس لنا مبرز في ذلك الميدان الذي تعمّ به البلوى في جميع شئون نظام المعاش والمعاد غير الحروف فقط أو ما يقوم مقامها ليكون هو المعتمد.
الرابع : أنّ هذا القول يكون هو الحقّ الذي لا معدل عنه ، لأنّه يكون مطابقا للوجدان ويكون من الامور الواقعية المنطبقة المرتكزة لما في الأذهان عند أهل اللغة واللسان ؛ إذ أهل المحاورة معتمدون على هذا الارتكاز يستعملونها لإفادة تلك الحصص المضيّقة التي يكون إفهامها مورد حاجة عامّة الناس في مختلف