الحالات بالنسبة إلى جميع الموارد والبلدان ، مع الغفلة وعدم التوجّه إلى وجود تلك المعاني وعدمها في الخارج من حيث الوجود والامتناع والاستحالة والإمكان في تحقّق النسبة بينها وعدم الإمكان ، بلا مجال لصحّة احتمال إعمال العناية في جميع تلك الموارد ، لأنّه مكذوب بالوجدان من دون الحاجة إلى إثباته بالدليل وإقامة البرهان ، بل ذلك من البديهيات في الأذهان لاولي الدراية والوجدان ، كما لا يخفى. فبهذا البيان نستكشف بالقطع واليقين أنّ الحروف وضعت ليس إلّا لذلك المعنى الذي وقفت عليه من التضييق في سعة المفاهيم الاسمية هذا.
الأمر الثالث : لا يذهب عليك أنّ معاني الحروف كلّها جميعا إنّما تكون من الامور الحكائية والدلالية ، ولكن مع ذلك كلّه لا تكون إخطارية بوجه من الوجوه ، وذلك من جهة أنّ ملاك الإخطارية في المعنى والمفهوم والمدلول ليس إلّا الاستقلاليّة الذاتية في عالم المفهوم والمعنى ، وهي غير واجدة لذلك الملاك ، وملاك حكائية المعنى هو نحو من الثبوت في عالم المعنى وهي واجدة له ، فلا ملازمة بين عدم كونها اختيارية وكونها إيجادية كما قال شيخنا الاستاذ قدسسره (١).
الأمر الرابع : في بيان نقاط الامتياز بين مسلكنا وبين سائر المسالك في كيفية المعنى الحرفي ، منها : امتيازه عن سائر المسالك ، مثل رأي من يقول بأنّها إيجادية من هذه الجهة ، من أنّ المعنى الحرفي على ذلك المسلك ليس له واقعية في أيّ وعاء ما عدا التراكيب الكلامية ، بخلاف مسلكنا فإنّ له مكانا واقعا ثابتا فيه في حدّ المعاني الاسمية ، ولكن بثبوت تعلّقي دون الثبوت الاستقلالي.
وأمّا الامتياز بالنسبة إلى القول بأنّ الحروف وضعت بإزاء النسب والروابط ،
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٠.